للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَلَائِكَةُ عَلَى لِسَانِهِ)) (١).

٥ - أَمَّا عَنْ قِرَاءَةِ ابْنِ عبَّاسٍ نَفْسِهَا؛ فَالجَوَابُ عَلَيهَا هُوَ مِنْ أوجُهٍ:

أ- أَنَّ هَذِهِ القِرَاءَةَ لَيسَتْ مُتَوَاتِرَةً وَلَا مَعْلُومَةَ الصِّحَّةِ، وَلَا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهَا فِي أُصُولِ الدِّينِ (٢).

ب- إِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً؛ فَالمَعْنَى أَنَّ المُحَدَّثَ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَنَا، وَكَانُوا يَحْتَاجُونَ إِلَيهِ، وَكَانَ يُنْسَخُ مَا يُلْقِيهِ الشَّيطَانُ إِلَيهِ كَذَلِكَ، وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ لَا تَحْتَاجُ إِلَى غَيرِهِ ، وَلِهَذَا كَانَتِ الأُمَمُ قَبْلَنَا لَا يَكفِيهِم نَبيٌّ وَاحِدٌ؛ بَلْ يُحِيلُهُم هَذَا النَّبِيُّ فِي بَعْضِ الأُمُورِ عَلَى النَّبِيِّ الآخَرِ، وَكَانُوا يَحْتَاجُونَ إِلَى عَدَدٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَيَحْتَاجُونَ إِلَى المُحَدَّثِ، وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ أغْنَاهُم اللهُ بِهِ عَنْ غَيرِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ؛ فَكَيفَ لَا يُغْنِيهِم عَنِ المُحَدَّثِ! وَلِهَذَا قَالَ : ((لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُم مِنَ الأُمَمِ نَاسٌ مُحَدَّثونَ مِنْ غَيرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ، فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ؛ فَإِنَّهُ عُمَرُ)) (٣)، فَعَلَّقَ ذَلِكَ بِـ ((إِنْ)) وَلَمْ يَجْزِمْ بِهِ، لِأَنَّهُ عَلِمَ اسْتِغْنَاءَ أُمَّتِهِ عَنْ مُحَدَّثٍ كَمَا اسْتَغْنَتْ عَنْ غَيرِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ سَوَاءً كَانَ فِيهَا مُحَدَّثٌ أَو لَا، أَو كَانَ ذَلِكَ لِكَمَالِهَا بِرَسُولِهَا الَّذِي هُوَ أَكْمَلُ الرُّسُلِ وَأَجْمَلُهُم (٤).

ج- أَنَّ المُحَدَّثَ هُوَ المُلْهَمُ، وَالإِلْهَامَ لَا يَعْنِي العِلْمَ بِالغَيبِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللهُ


(١) قَالَ الهَيثَمِيُّ فِي كِتَابِهِ مَجْمَعُ الزَّوَائِدِ (١٤٤٣٩): "رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ فِي الأَوسَطِ، وَفِيهِ أَبُو سَعْدٍ -خَادِمُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ- وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ".
(٢) اُنْظُرْ شَرْحَ العَقِيدَةِ الأَصْفَهَانِيَّةِ (ص ١٦) لِشَيخِ الإِسْلَامِ .
(٣) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٣٦٨٩) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا، وَمُسْلِمٌ (٢٣٩٨) عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا.
(٤) اُنْظُرْ شَرْحَ العَقِيدَةِ الأَصْفَهَانِيَّةِ (ص ١٦) لِشَيخِ الإِسْلَامِ .

<<  <  ج: ص:  >  >>