للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهِ أَيضًا حَاتِمُ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ؛ قَالَ عَنْهُ الحَافِظُ: "صَدُوقٌ يَهِمُ" (١)، وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ، قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: "لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ؛ تَفَرَّدَ بِهِ: حَاتِمٌ" (٢).

وَمِن جِهَةٍ أُخْرَى؛ فَلَيسَ فِي الأَثَرَينِ أَنَّ التَّمَرُّغَ كَانَ سَبَبُهُ التَّبَرُّكَ! وَإِنَّمَا ظَاهِرُهُ الشَّوقُ وَالحَنِينُ لِصَاحِبِ القَبْرِ ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي مِثْلِهِ مِنِ اسْتِلَامِ الحَجَرِ الأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ اليَمَانِيِّ.

قَالَ الإِمَامُ الأَلْبَانِيُّ : "وَقَدْ شَاعَ عِنْدَ المُتَأَخِّرِينَ الاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ التَّمَسُّحِ بِالقَبْرِ لِوَضْعِ أَبِي أَيُّوبَ وَجْهَهُ عَلَى القَبْرِ، وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ لَيسَ صَرِيحًا فِي الدِّلَالَةِ عَلَى أَنَّ تَمَسُّحَهُ كَانَ لِلْتَبَرُّكِ -كَمَا يَفْعَلُ الجُهَّالُ-! فَالسَّنَدُ إِلَيهِ بِذَلِكَ ضَعِيفٌ -كَمَا عَلِمْتَ- فَلَا حُجَّةَ فِيهِ، وَقَدْ أَنْكَرَ المُحَقِّقُونَ مِن العُلَمَاءِ -كَالنَّوَوِيِّ وَغَيرِهِ- التَّمَسُّحَ بِالقُبُورِ، وَقَالُوا: إِنَّهُ مِن عَمَلِ النَّصَارَى، وَقَدْ ذَكَرْتُ بَعْضَ النُّقُولِ فِي ذَلِكَ فِي (تَحْذِيرِ السَّاجِدِ مِنِ اتِّخَاذِ القُبُورِ مَسَاجِدَ) " (٣).


(١) تَقْرِيبُ التَّهْذِيبِ (ص ١٤٤).
(٢) المُعْجَمُ الأَوْسَطُ لِلطَّبَرَانِيِّ (١/ ٩٤).
(٣) السِّلْسِلَةُ الضَّعِيفَةُ (١/ ٥٥٣).
قَالَ الشَّيْخُ الدُّكْتُورُ وَهْبَةُ الزُّحَيليُّ حَفِظَهُ اللهُ وَرَعَاهُ فِي كِتَابِهِ (الفِقْهُ الإِسْلَامِيُّ وَأَدِلَّتُهُ) (ص ١٤٥٣) - فِي حَاشِيَةِ أَبْوَابِ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ -: "اتَّفَقَ الأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَ قَبْرٍ رَجَاءَ الإِجَابَةِ بِدْعَةٌ، لَا قُرْبَةٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>