للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبَّاسٍ: ((إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فَضْلًا -سِوَى الحَفَظَةِ- يَكْتُبُونَ مَا سَقَطَ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ؛ فَإِذَا أَصَابَتْ أَحَدَكُمْ عَرْجَةٌ فِي سَفَرٍ؛ فَلِيُنَادِ: أَعِينُوا عِبَادَ اللهِ؛ رَحِمَكُمُ اللهُ)) (١).

وَلَنَا فِيهِ -بِتَوفِيقِ اللهِ- كَلِمَاتٌ:

أَوَّلًا: أَنَّ الصَّوَابَ وَقْفُهُ وَلَيسَ رَفْعَهُ إِلَى النَّبِيِّ ! فَإِنَّ الحَدِيثَ جَاءَ مَرْفُوعًا عِنْدَ البَزَّارِ، وَمَوقُوفًا عِنْدَ البَيهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ، وَالرُّوَاةُ فِيهِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيدٍ (٢) مُخْتَلِفُونَ فِي الوَقْفِ وَالرَّفْعِ، وَلَكِنَّ جَعْفَرَ بْنَ عَونٍ (الرَّاوِي لِرِوَايَةِ الوَقْفِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيدٍ فِي الشُّعَبِ) أَوثَقُ مِنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ (وَهُوَ الرَّاوِي لِرِوَايَةِ الرَّفْعِ عَنْ أُسَامَةَ عِنْدَ البَزَّارِ) (٣).

ثَانِيًا: أَنَّ كَونَهُ مَوقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَعْنِي كَونَهُ حُجَّةً فِي هَذَا البَابِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَلَقَّاهُ مِنْ مُسْلِمَةِ أَهْلِ الكِتَابِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.

ثَالِثًا: أَنَّهُ إِنْ قِيلَ بِحُجِّيَّتِهِ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِأُمُورٍ أَهَمِّهَا:

أ- تَقْيِيدُهُ بِكَونِ المُسْتَغَاثِ بِهِ هُمُ المَلَائِكَةُ.

وَهَذَا لَهُ مَخْرَجٌ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ أُصُولِ عِلْمِ التَّوحِيدِ، وَذَلِكَ لِكَونِ المُسْتَغَاثِ بِهِ حَيًّا؛ وَحَاضِرًا -كَمَا بَيَّنَهُ نَفْسُ الحَدِيثِ بِقَولِهِ (حَاضِرًا) -، وَقَادِرًا -كَمَا بَيَّنَهُ نَفْسُ الحَدِيثِ بِكَونِ اللهِ تَعَالَى جَعَلَهُم لِهَذِهِ المُهِمَّةِ-، وَهَذَا يُبْطِلُ اسْتِدْلَالَهُم بِالحَدِيثِ عَلَى الأَمْوَاتِ وَالأَولِيَاءِ وَالغَائِبِينَ، وَالحَمْدُ للهِ.


(١) الحَدِيثُ وَرَدَ مَرْفُوعًا وَمَوقُوفًا، وَهُوَ صَحِيحٌ مَوقُوفًا، رَوَاهُ البَزَّارُ (١١/ ١٨١) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، وَالبَيهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ (١٦٥) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوقُوفًا. الصَّحِيحَةَ (٦٥٦).
(٢) وَأُسَامَةُ بْنُ زَيدٍ هَذَا؛ هُوَ اللَّيثِيُّ؛ مِنْ كِبَارِ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ (ت ١٥٣ هـ)؛ وَلَيسَ هُوَ أُسَامَةَ بْنَ زَيدِ بْنِ حَارِثَةَ؛ الصَّحَابِيُّ!
(٣) اُنْظُرِ الصَّحِيحَةَ (٦٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>