للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الحَافِظُ الهَيثَمِيُّ : "رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَزَادَ (سَيَحْبِسُهُ عَلَيكُم). وَفِيهِ مَعْرُوفُ بْنُ حَسَّان وَهُوَ ضَعِيفٌ" (١).

وَأَيضًا؛ فَإِنَّ الحَدِيثَ الآخَرَ -حَدِيثَ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَان- هُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَمِنْ أَوجُهِ ضَعْفِهِ أَنَّ فِيهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شَرِيكٍ -وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ القَاضِي- وَأَبَاهُ؛ كِلَاهُمَا ضَعِيفَانِ، قَالَ الحَافِظُ فِي الأَوَّلِ مِنْهُمَا: "صَدُوقٌ يُخْطِئُ"، وَقَالَ فِي أَبِيهِ: "صَدُوقٌ يُخْطِئُ كَثِيرًا"، وَذَكَرَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ غَيرَ ذَلِكَ مِنَ العِلَلِ أَيضًا (٢).

وَأَجْوَدُ مَا يُمْكِنُ إِيرَادُهُ (٣) فِي هَذَا المَقَامِ -مِنْ جِهَةِ الإِسْنَادِ- الأَثَرُ عَنِ ابْنِ


(١) مَجْمَعُ الزَّوَائِدِ (١٧١٠٠).
وَقَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ فِي الضَّعِيفَةِ (٦٥٥) -بَعْدَ ذِكْرِهِ العِلَّةَ الأُولَى-: "العِلَّةُ الثَّانِيَةُ: الانْقِطَاعُ، وَبِهِ أَعَلَّهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ، فَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، أَخْرَجَهُ ابْنُ السُّنِّيِّ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِي السَّنَدِ انْقِطَاعٌ بَينَ ابْنِ برَيدَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ. نَقَلَهُ ابْنُ علَّانَ فِي (شَرْحُ الأَذْكَارِ) (٥/ ١٥٠).
وَقَالَ الحَافِظُ السَّخَاوِيُّ فِي (الابْتِهَاجُ بِأَذْكَارِ المُسَافِرِ وَالحَاجِّ) (ص ٣٩): وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ. لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ: إِنَّهُ جَرَّبَهُ هُوَ وَبَعْضُ أَكَابِرِ شُيُوخِهِ!
قُلْتُ [الأَلْبَانِيُّ]: العِبَادَاتُ لَا تُؤْخَذُ مِنَ التَّجَارِبِ! سِيَّمَا مَا كَانَ مِنْهَا فِي أَمْرٍ غَيبِيٍّ كَهَذَا الحَدِيثِ، فَلَا يَجُوزُ المَيلُ إِلَى تصَحِيحِهِ بِالتَّجْرِبَةِ!
كَيفَ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ بَعْضُهُم فِي جَوَازِ الاسْتِغَاثَةِ بِالمَوتَى عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَهُوَ شِرْكٌ خَالِصٌ! وَاللهُ المُسْتَعَانُ.
وَمَا أَحْسَنَ مَا رَوَى الهَرَوِيُّ فِي (ذَمِّ الكَلَامِ) (٤/ ٦٨/١) أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ المُبَارَكِ ضَلَّ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي طَرِيقٍ وَكَانَ قَدْ بَلَغَهُ أَنَّ مَنِ اضْطُرَّ -كَذَا الأَصْلُ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ: ضَلَّ- فِي مَفَازَةٍ فَنَادَى: عِبَادَ اللهِ أَعِينُونِي! أُعِينَ. قَالَ: فَجَعَلْتُ أَطْلُبُ الجُزْءَ أَنْظُرُ إِسْنَادَهُ. قَالَ الهَرَوِيُّ: فَلَمْ يَسْتَجِزْ أَنْ يَدْعُوَ بِدُعَاءٍ لَا يَرَى إِسْنَادَهُ. قُلْتُ: فَهَكَذَا؛ فَلَيكُنِ الاتِّبَاعُ".
(٢) الضَّعِيفَةُ (٦٥٦).
(٣) وَهُوَ مِنْ بَابِ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَذْكُرُونَ مَا لَهُم وَمَا عَلَيهِم، وَلَيسَ فِي شَيء مِنْ ذَلِكَ مَا يُحَابَى عَلَى حِسَابِ الحَقِّ وَالشَّرِيعَةِ! فَاللَّهُمَّ؛ اهْدِنَا لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِكَ؛ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>