للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيَكُونُ كُلِّيًّا! وَإِلَّا تَعَارَضَ الحَدِيثُ مَعَ النُّصُوصِ الكَثِيرَةِ المُتَوَاتِرَةِ مِنْ جِهَةِ الدِّلَالَةِ الَّتِي فِيهَا عَدَمُ عِلْمِهِ بِالغَيبِ وَبِمَا فِي الصُّدُورِ!

وَاُنْظُرْ سِيَاقَ الحَدِيثِ حَيثُ كَانَ السُّؤَالُ عَنِ اخْتِصَامِ المَلَأِ الأَعْلَى؛ فَأَجَابَ بِعَدَمِ العِلْمِ، ثُمَّ بَعْدَ أَنْ عُلِّمَ أَجَابَ عَنِ الدَّرَجَاتِ وَالكَفَّارَاتِ؛ فَهَذَا السُّؤَالُ كَانَ عَمَّا هُوَ مَوجُودٌ مِنْ ذَلِكَ الاخْتِصَامِ؛ وَالتَّعْلِيمُ أَيضًا كَانَ عَمَّا هُوَ مَوجُودٌ مِنْهُ. وَبِاللهِ التَّوفِيق.

٥ - أَيضًا عَلَى فَرْضِ حَمْلِ حَدِيثِ الاخْتِصَامِ عَلَى الغَيبِ المُسْتَقْبَلِيِّ؛ فَمَا أُطْلِعَهُ النَّبِيُّ مِنْ أَمْرِ مَا سَيَكُونُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الإِجْمَالِ وَلَيسَ التَّفْصِيلِ! (١) لِذَلِكَ تَجِدُ بَيَانَ عَائِشَةَ فِي رَدِّهَا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍّ؛ حَيثُ قَالَتْ : (وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ؛ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾، وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ؛ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ﴾). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (٢).

٦ - أَمَّا بِخُصُوصِ حَدِيثِ حُذَيفَةَ؛ فَالخَطْبُ فِيهِ أَسْهَلُ، لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِمَا سَيَكُونُ مِنْ فِتَنٍ وَمَلَاحِمَ، كَذَا بَيَّنَهُ أَحَدُ الفَاظِ الحَدِيثِ الَّذِي فِي مُسْلِمٍ، حَيثُ قَالَ حُذَيفَةُ بْنُ اليَمَانِ : وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِكُلِّ فِتْنَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ فِيمَا بَينِي وَبَينَ السَّاعَةِ، وَمَا بِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ أَسَرَّ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيئًا لَمْ يُحَدِّثْهُ غَيرِي! وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ


(١) البُخَارِيُّ (٤٨٥٥)، وَمُسْلِمٌ (١٧٧).
(٢) وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ (٤٢٤٣)؛ قَالَ حُذَيفَةُ: (وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَصْحَابِي أَمْ تَنَاسَوا؟ وَاللَّهِ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ مِنْ قَائِدِ فِتْنَةٍ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الدُّنْيَا يَبْلُغُ مَنْ مَعَهُ ثَلَاثَمِائَةٍ فَصَاعِدًا؛ إِلَّا قَدْ سَمَّاهُ لَنَا بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَاسْمِ قَبِيلَتِهِ). وَهُوَ ضَعِيفٌ. المِشْكَاةُ (٥٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>