للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَدِيثُ حُذَيفَةَ؛ وَفِيهِ: (قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ مَقَامًا مَا تَرَكَ شَيئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا حَدَّثَ بِهِ) (١).

وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ؛ وَفِيهِ: (تَرَكَنَا رَسُولَ اللهِ وَمَا طَائِرٌ يُقَلِّبُ جَنَاحَيهِ فِي الهَوَاءِ إِلَّا وَهُوَ يُذَكِّرُنَا مِنْهُ عِلْمًا) (٢).

الجَوَابُ مِنْ عِدَّةِ جِهَاتٍ:

١ - لَيسَ في ذَلِكَ حُجَّةٌ لِذَلِكَ! بَلْ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى ذَلِكَ، فَمَعْنَى الآيَتَينِ عِنْدَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يُطْلِعُ رُسُلَهُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنَ الغَيبِ آيَةً لَهُم وَمُعْجِزَةً، وَهَذَا يَشْمَلُ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ، وَحَتَّى مَا ذُكِرَ عَنْ عِيسَى ، وَيَشْمَلُ أَيضًا المَلَائِكَةَ


=
وَتَمَامُهُ: ((أَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيكَ رَبِّي وَسَعْدَيكَ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلَأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: رَبِّ لَا أَدْرِي، فَوَضَعَ يَدَهُ بَينَ كَتِفَيَّ فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَينَ ثَدْيَيَّ فَعَلِمْتُ مَا بَينَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقُلْتُ: لَبَّيكَ وَسَعْدَيكَ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلَأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: فِي الدَّرَجَاتِ، وَالكَفَّارَاتِ، وَفِي نَقْلِ الأَقْدَامِ إِلَى الجَمَاعَاتِ، وَإِسْبَاغِ الوُضُوءِ فِي المَكْرُوهَاتِ، وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَمَنْ يُحَافِظْ عَلَيهِنَّ عَاشَ بِخَيرٍ وَمَاتَ بِخَيرٍ، وَكَانَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَومِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)).
وَبِنَحْوِهِ أَيضًا فِي التِّرْمِذِيِّ (٣٢٣٥) مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ، قَالَ عَنْهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ : "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ [البُخَارِيَّ] عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".
(١) البُخَارِيُّ (٦٦٠٤)، وَمُسْلِمٌ (٢٨٩١) عَنْ حُذَيفَةَ مَرْفُوعًا.
وَهُوَ بِتَمَامِهِ في مُسْلِمٍ عَنْ حُذَيفَةَ قَالَ: (قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ مَقَامًا مَا تَرَكَ شَيئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا حَدَّثَ بِهِ -حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ-، قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ، وَإِنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيءُ قَدْ نَسِيتُهُ فَأَرَاهُ فَأَذْكُرُهُ كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ).
(٢) صَحِيحٌ. الطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الكَبِيرِ (٢/ ١٥٥). الصَّحِيحَةُ (١٨٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>