للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّصْوِير المُحَرَّمِ، وَلَكِنَّهُ أَجَازَهُ فَقَط لِمِثْلِ مَا أَجَزْنَاهُ مِنَ التَّصْوِير لِلحَاجَةِ وَالمَصْلَحَةِ، أَمَّا التَّصْوِيرُ لِلذِّكْرَى وَالحَنِينِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فَقَدْ نَهَى عَنْهُ .

قَالَ : "وَلَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ: هَلْ يَحِلُّ هَذَا الفِعْلُ أَو لَا؟

وَالجَوَابُ: إِذَا كَانَ لِغَرَضٍ مُحَرَّمٍ صَارَ حَرَامًا، وَإِذَا كَانَ لِغَرَضٍ مُبَاحٍ صَارَ مُبَاحًا؛ لِأَنَّ الوَسَائِلَ لَهَا أَحْكَامُ المَقَاصِدِ، وَعَلَى هَذَا؛ فَلَو أَنَّ شَخْصًا صَوَّرَ إِنْسَانًا لِمَا يُسَمُّونَهُ بِالذِّكْرَى -سَوَاءً كَانَتْ هَذِهِ الذِّكْرَى لِلتَّمَتُّعِ بِالنَّظَرِ إِلَيهِ أَوِ التَّلَذُّذِ بِهِ أَو مِنْ أَجْلِ الحَنَانِ وَالشَّوقِ إِلَيهِ-؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ وَلَا يَجُوزُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ اقْتِنَاءِ الصُّوَرِ، لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ صُورَةً وَلَا أَحَدَ يُنْكِرُ ذَلِكَ.

وَإِذَا كَانَ لِغَرَضٍ مُبَاحٍ كَمَا يُوجَدُ فِي التَّابِعِيَّةِ وَالرُّخْصَةِ وَالجَوَازِ وَمَا أَشْبَهَهُ؛ فَهَذَا يَكُونُ مُبَاحًا، فَإِذَا ذَهَبَ الإِنْسَانُ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى رُخْصَةٍ إِلَى هَذَا المُصَوِّرِ الَّذِي تَخْرُجُ مِنْهُ الصُورَةُ فَورِيَّةً بِدُونِ عَمَلٍ -لَا تَحْمِيضٍ وَلَا غَيرِهِ- وَقَالَ: صَوِّرْنِي، فَصَوَّرَهُ؛ فَإِنَّ هَذَا المُصَوِّرَ لَا نَقُولُ: إِنَّهُ دَاخِلٌ فِي الحَدِيثِ -أَي: حَدِيثِ الوَعِيدِ عَلَى التَصْوِيرِ-، أَمَّا إِذَا قَالَ: صَوِّرْنِي لِغَرَضٍ آخَرَ غَيرِ مُبَاحٍ؛ صَارَ مِنْ بَابِ الإِعَانَةِ عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ" (١).


(١) القَولُ المُفِيدُ (٢/ ٤٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>