للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(خ) , وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ , فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ قَالَ لِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَدِيٍّ: هَلْ لَكَ فِي وَحْشِيٍّ نَسْأَلُهُ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ؟ , قُلْتُ: نَعَمْ - وَكَانَ وَحْشِيٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ - فَسَأَلْنَا عَنْهُ , فَقِيلَ لَنَا: هُوَ ذَاكَ فِي ظِلِّ قَصْرِهِ , كَأَنَّهُ حَمِيتٌ (١) قَالَ: فَجِئْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَيْهِ بِيَسِيرٍ , فَسَلَّمْنَا , فَرَدَّ السَّلَامَ - قَالَ: وَعُبَيْدُ اللهِ مُعْتَجِرٌ (٢) بِعِمَامَتِهِ , مَا يَرَى وَحْشِيٌّ إِلَّا عَيْنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ - فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: يَا وَحْشِيُّ , أَتَعْرِفُنِي؟ , فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: لَا وَاللهِ , إِلَّا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ الْخِيَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أَبِي الْعِيصِ , فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا بِمَكَّةَ فَكُنْتُ أَسْتَرْضِعُ لَهُ (٣) فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْغُلَامَ مَعَ أُمِّهِ , فَنَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ , فَلَكَأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْكَ (٤) فَكَشَفَ عُبَيْدُ اللهِ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ: أَلَا تُخْبِرُنَا بِقَتْلِ حَمْزَةَ؟ , قَالَ: نَعَمْ , إِنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بِبَدْرٍ , فَقَالَ لِي مَوْلَايَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي فَأَنْتَ حُرٌّ , فَلَمَّا أَنْ خَرَجَ النَّاسُ عَامَ عَيْنَيْنِ - وَعَيْنَيْنِ جَبَلٌ بِحِيَالِ أُحُدٍ , بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَادٍ - خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إِلَى الْقِتَالِ , فَلَمَّا أَنْ اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ , خَرَجَ سِبَاعٌ فَقَالَ: هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟ , فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , فَقَالَ: يَا سِبَاعُ , يَا ابْنَ أُمِّ أَنْمَارٍ , مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ (٥) أَتُحَادُّ (٦) اللهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -؟ , ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ , فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ (٧) قَالَ: فَكَمَنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ , فَلَمَّا دَنَا مِنِّي , رَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي , فَأَضَعُهَا فِي ثُنَّتِهِ (٨) حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ وَرِكَيْهِ , فَكَانَ ذَاكَ الْعَهْدَ بِهِ , فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ مَعَهُمْ , فَأَقَمْتُ بِمَكَّةَ حَتَّى فَشَا فِيهَا الْإِسْلَامُ , ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ (٩) فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رُسُلًا , فَقِيلَ لِي: إِنَّهُ لَا يَهِيجُ الرُّسُلَ (١٠) فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: أَنْتَ وَحْشِيٌّ؟ " , قُلْتُ: نَعَمْ , قَالَ: " أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟ " , قُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنْ الْأَمْرِ مَا بَلَغَكَ , قَالَ: " فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّي؟ " , قَالَ: فَخَرَجْتُ , فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ , قُلْتُ: لَأَخْرُجَنَّ إِلَى مُسَيْلِمَةَ , لَعَلِّي أَقْتُلُهُ فَأُكَافِئَ بِهِ حَمْزَةَ , فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ , فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ , فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي ثَلْمَةِ جِدَارٍ , كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ , ثَائِرُ الرَّأسِ (١١) فَرَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي , فَأَضَعُهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ , حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ , وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ , فَقَالَتْ جَارِيَةٌ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ: وَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , قَتَلَهُ الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ. (١٢)


(١) أَيْ: زِقّ كَبِير، وَأَكْثَر مَا يُقَال ذَلِكَ إِذَا كَانَ مَمْلُوءًا، وَفِي رِوَايَة لِابْنِ عَائِذ: " فَوَجَدْنَاهُ رَجُلًا سَمِينًا , مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ " فتح الباري (ج ١١ / ص ٤٠٥)
(٢) أَيْ: لَافّ عِمَامَته عَلَى رَأسِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْنِيكٍ. فتح الباري (ج ١١ / ص ٤٠٥)
(٣) أي: أَطْلُب لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ. فتح الباري (ج ١١ / ص ٤٠٥)
(٤) زَادَ فِي رِوَايَةِ اِبْنِ إِسْحَاقَ: " وَالله مَا رَأَيْتُك مُنْذُ نَاوَلْتُك أُمّك السَّعْدِيَّة الَّتِي أَرْضَعَتْك بِذِي طَوْيٍ، فَإِنِّي نَاوَلْتُكهَا وَهِيَ عَلَى بَعِيرهَا , فَأَخَذَتْك، فَلَمَعَتْ لِي قَدَمُك حِينَ رَفَعْتُك، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ وُقِفَت عَلَيَّ فَعَرَفْتُهَا " , وَهَذَا يُوَضِّحُ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ " فَكَأَنِّي نَظَرْت إِلَى قَدَمَيْك " يَعْنِي أَنَّهُ شَبَّهَ قَدَمَيْهِ بِقَدَمِ الْغُلَامِ الَّذِي حَمَلَهُ , فَكَانَ هُوَ هُوَ، وَبَيْن الرُّؤْيَتَيْنِ قَرِيبٌ مِنْ خَمْسِينَ سَنَةً، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى ذَكَاءٍ مُفْرِطٍ، وَمَعْرِفَةٍ تَامَّةٍ بِالْقِيَافَةِ. فتح الباري (ج ١١ / ص ٤٠٥)
(٥) جَمْع بَظْر , وَهِيَ اللَّحْمَة الَّتِي تُقْطَع مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْخِتَانِ، قَالَ اِبْن إِسْحَاق: كَانَتْ أُمّه خَتَّانَة بِمَكَّة , تَخْتِنُ النِّسَاءَ , وَالْعَرَب تُطْلِقُ هَذَا اللَّفْظ فِي مَعْرِض الذَّمِّ، وَإِلَّا قَالُوا: خَاتِنَة. فتح الباري (ج ١١ / ص ٤٠٥)
(٦) أَيْ: أَتُعَانِد. فتح الباري (ج ١١ / ص ٤٠٥)
(٧) هِيَ كِنَايَة عَنْ قَتْلِهِ , أَيْ: صَيَّرَهُ عَدَمًا. فتح الباري (ج ١١ / ص ٤٠٥)
(٨) هِيَ الْعَانَةُ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالْعَانَةِ. فتح الباري (ج ١١ / ص ٤٠٥)
(٩) فِي رِوَايَةِ اِبْنِ إِسْحَاق: " فَلَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ , هَرَبْت إِلَى الطَّائِفِ ". فتح الباري (ج ١١ / ص ٤٠٥)
(١٠) أَيْ: لَا يَنَالُهُمْ مِنْهُ إِزْعَاجٌ. فتح الباري (ج ١١ / ص ٤٠٥)
(١١) أَيْ: شَعْرُهُ مُنْتَفِشٌ. فتح الباري (ج ١١ / ص ٤٠٥)
(١٢) (خ) ٣٨٤٤ , (حم) ١٦١٢١