للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الْإِشْبَاعُ بَعْدَ جُوعٍ مِنْ شُرُوطِ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّم

(خ م حم) , عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: " دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " وَعِنْدِي رَجُلٌ قَاعِدٌ) (١) (" فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ") (٢) (كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ) (٣) (قَالَ: يَا عَائِشَةُ، مَنْ هَذَا؟ " , قُلْتُ: أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ، قَالَ: " يَا عَائِشَةُ، انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ (٤) فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ (٥) ") (٦)


(١) (م) ٣٢ - (١٤٥٥) , (خ) ٢٥٠٤
(٢) (حم) ٢٤٦٧٦ , (خ) ٤٨١٤
(٣) (خ) ٤٨١٤
(٤) الْمَعْنَى تَأَمَّلْن مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ هَلْ هُوَ رَضَاع صَحِيح بِشَرْطِهِ: مِنْ وُقُوعه فِي زَمَن الرَّضَاعَة، وَمِقْدَار الِارْتِضَاع , فَإِنَّ الْحُكْم الَّذِي يَنْشَأ مِنْ الرَّضَاع إِنَّمَا يَكُون إِذَا وَقَعَ الرَّضَاع الْمُشْتَرَط , وقَالَ الْمُهَلَّب: مَعْنَاهُ اُنْظُرْنَ مَا سَبَب هَذِهِ الْأُخُوَّة، فَإِنَّ حُرْمَة الرَّضَاع إِنَّمَا هِيَ فِي الصِّغَر حَتَّى تَسُدّ الرَّضَاعَة الْمَجَاعَة. فتح الباري (ج ١٤ / ص ٣٤٦)
(٥) فِيهِ تَعْلِيل الْبَاعِث عَلَى إِمْعَان النَّظَر وَالْفِكْر، لِأَنَّ الرَّضَاعَة تُثْبِت النَّسَب وَتَجْعَل الرَّضِيع مُحَرَّمًا , وَقَوْله " مِنْ الْمَجَاعَة " أَيْ: الرَّضَاعَة الَّتِي تَثْبُت بِهَا الْحُرْمَة وَتَحِلّ بِهَا الْخَلْوَة هِيَ حَيْثُ يَكُون الرَّضِيع طِفْلًا لِسَدِّ اللَّبَن جَوْعَته، لِأَنَّ مَعِدَته ضَعِيفَة يَكْفِيهَا اللَّبَن وَيَنْبُت بِذَلِكَ لَحْمه , فَيَصِير كَجُزْءٍ مِنْ الْمُرْضِعَة , فَيَشْتَرِك فِي الْحُرْمَة مَعَ أَوْلَادهَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا رَضَاعَة مُعْتَبَرَة إِلَّا الْمُغْنِيَة عَنْ الْمَجَاعَة , أَوْ الْمُطْعِمَة مِنْ الْمَجَاعَة، كَقَوْلِهِ تَعَالَى (أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوع) وَمِنْ شَوَاهِده حَدِيث اِبْن مَسْعُود " لَا رَضَاع إِلَّا مَا شَدَّ الْعَظْم، وَأَنْبَتَ اللَّحْم " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، وَحَدِيث أُمّ سَلَمَة " لَا يُحَرِّم مِنْ الرَّضَاع إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاء " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّغْذِيَة بِلَبَنِ الْمُرْضِعَة يُحَرِّم سَوَاء كَانَ بِشُرْبٍ أَمْ أَكْلٍ بِأَيِّ صِفَة كَانَ، حَتَّى الْوَجُور وَالسَّعُوط وَالثَّرْد وَالطَّبْخ وَغَيْر ذَلِكَ إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُور مِنْ الْعَدَد لِأَنَّ ذَلِكَ يَطْرُد الْجُوع، وَهُوَ مَوْجُود فِي جَمِيع مَا ذُكِرَ , فَيُوَافِق الْخَبَر وَالْمَعْنَى , وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُور , وقَالَ الْقُرْطُبِيّ: فِي قَوْله " فَإِنَّمَا الرَّضَاعَة مِنْ الْمَجَاعَة " تَثْبِيت قَاعِدَة كُلِّيَّة صَرِيحَة فِي اِعْتِبَار الرَّضَاع فِي الزَّمَن الَّذِي يُسْتَغْنَى بِهِ الرَّضِيع عَنْ الطَّعَام بِاللَّبَنِ، وَيُعْتَضَد بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) فَإِنَّهُ يَدُلّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّة أَقْصَى مُدَّة الرَّضَاع الْمُحْتَاج إِلَيْهِ عَادَة الْمُعْتَبَر شَرْعًا، فَمَا زَادَ عَلَيْهِ لَا يَحْتَاج إِلَيْهِ عَادَة فَلَا يُعْتَبَر شَرْعًا، إِذْ لَا حُكْم لِلنَّادِرِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ عَائِشَة كَانَتْ لَا تُفَرِّق فِي حُكْم الرَّضَاع بَيْن حَال الصِّغَر وَالْكِبَر، وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ ذَلِكَ مَعَ كَوْن هَذَا الْحَدِيث مِنْ رِوَايَتهَا , وَاحْتَجَّتْ هِيَ بِقِصَّةِ سَالِم مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَة , فَلَعَلَّهَا فَهِمَتْ مِنْ قَوْله " إِنَّمَا الرَّضَاعَة مِنْ الْمَجَاعَة " اِعْتِبَار مِقْدَار مَا يَسُدّ الْجَوْعَة مِنْ لَبَن الْمُرْضِعَة لِمَنْ يَرْتَضِع مِنْهَا، وَذَلِكَ أَعَمّ مِنْ أَنْ يَكُون الْمُرْتَضِع صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا , فَلَا يَكُون الْحَدِيث نَصًّا فِي مَنْع اِعْتِبَار رَضَاع الْكَبِير، وَفِي الْحَدِيث جَوَاز دُخُول مَنْ اِعْتَرَفَتْ الْمَرْأَة بِالرَّضَاعَةِ مَعَهُ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ يَصِير أَخًا لَهَا , وَقَبُول قَوْلهَا فِيمَنْ اِعْتَرَفَتْ بِهِ. فتح الباري (ج ١٤ / ص ٣٤٦)
(٦) (خ) ٢٥٠٤ , (م) ٣٢ - (١٤٥٥) , (س) ٣٣١٢ , (د) ٢٠٥٨ , (جة) ١٩٤٥ , (حم) ٢٤٦٧٦