للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(خ م) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنْ الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ) (١) وفي رواية: (رِجَالٌ يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ) (٢) (فَإِنْ يَكُنْ مِنْ أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ) (٣) (فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ") (٤)

الشرح (٥)


(١) (خ) ٣٢٨٢
(٢) (خ) ٣٤٨٦
(٣) (خ) ٣٤٨٦
(٤) (خ) ٣٢٨٢ , (م) ٢٣ - (٢٣٩٨) , (ت) ٣٦٩٣ , (حم) ٨٤٤٩
(٥) قَالَ ابْنُ الْقَيِّم في (مدارج السالكين) (١/ ٦٤): وَالْمُحَدَّثُ: هُوَ الَّذِي يُحَدَّثُ فِي سِرِّهِ وَقَلْبِهِ بِالشَّيْءِ، فَيَكُونُ كَمَا يُحَدَّثُ بِهِ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَالصِّدِّيقُ أَكْمَلُ مِنَ الْمُحَدَّثِ، لِأَنَّهُ اسْتَغْنَى بِكَمَالِ صَدِّيقِيَّتِهِ وَمُتَابَعَتِهِ عَنِ التَّحْدِيثِ وَالْإِلْهَامِ وَالْكَشْفِ، فَإِنَّهُ قَدْ سَلَّمَ قَلْبَهُ كُلَّهُ , وَسِرَّهُ , وَظَاهِرَهُ , وَبَاطِنَهُ لِلرَّسُولِ، فَاسْتَغْنَى بِهِ عَمَّا مِنْهُ.
قَالَ: وَكَانَ هَذَا الْمُحَدَّثُ يَعْرِضُ مَا يُحَدَّثُ بِهِ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، فَإِنْ وَافَقَهُ قَبِلَهُ، وَإِلَّا رَدَّهُ، فَعُلِمَ أَنَّ مَرْتَبَةَ الصِّدِّيقِيَّةِ , فَوْقَ مَرْتَبَةِ التَّحْدِيثِ
قَالَ: وَأَمَّا مَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ الْخَيَالَاتِ وَالْجَهَالَاتِ: حَدَّثَنِي قَلْبِي عَنْ رَبِّي، فَصَحِيحٌ أَنَّ قَلْبَهُ حَدَّثَهُ، وَلَكِنْ عَمَّنْ؟ , عَنْ شَيْطَانِهِ؟، أَوْ عَنْ رَبِّهِ؟ , فَإِذَا قَالَ: حَدَّثَنِي قَلْبِي عَنْ رَبِّي، كَانَ مُسْنِدًا الْحَدِيثَ إِلَى مَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ حَدَّثَهُ بِهِ , وَذَلِكَ كَذِبٌ، قَالَ: وَمُحَدَّثُ الْأُمَّةِ لَمْ يَكُنْ يَقُولُ ذَلِكَ، وَلَا تَفَوَّهَ بِهِ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، وَقَدْ أَعَاذَهُ اللهُ مِنْ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ، بَلْ كَتَبَ كَاتِبُهُ يَوْمًا: هَذَا مَا أَرَى اللهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: لَا، امْحُهُ وَاكْتُبْ: هَذَا مَا رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنَ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنْ عُمَرَ , وَاللهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُ بَرِيءٌ، وَقَالَ فِي الْكَلَالَةِ: أَقُولُ فِيهَا بِرَأيِي، فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا , فَمِنَ اللهِ، وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً , فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ، فَهَذَا قَوْلُ الْمُحَدَّثِ بِشَهَادَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتَ تَرَى الِاتِّحَادِيَّ , وَالْحُلُولِيَّ , وَالْإِبَاحِيَّ الْشَطَّاحَ، وَالسَّمَاعِيَّ مُجَاهِرًا بِالْقِحَةِ وَالْفِرْيَةِ، يَقُولُ: " حَدَّثَنِي قَلْبِي عَنْ رَبِّي ".
فَانْظُرْ إِلَى مَا بَيْنَ الْقَائِلَيْنِ , وَالْمَرْتَبَتَيْنِ , وَالْقَوْلَيْنِ , وَالْحَالَيْنِ، وَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَلَا تَجْعَلِ الزَّغَلَ وَالْخَالِصَ شَيْئًا وَاحِدًا. أ. هـ