للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(م) , وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنهما - قَالَ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى نَزَلْنَا وَادِيًا أَفْيَحَ (١) " فَذَهَبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْضِي حَاجَتَهُ " , فَاتَّبَعْتُهُ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ , " فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَسْتَتِرُ بِهِ , فَإِذَا شَجَرَتَانِ بِشَاطِئِ الْوَادِي , فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى إِحْدَاهُمَا , فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ: انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ (٢) الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ , حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الْأُخْرَى , فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا , فَقَالَ: انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ , فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ , حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَنْصَفِ (٣) مِمَّا بَيْنَهُمَا جَمَعَهُمَا فَقَالَ: الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ , فَالْتَأَمَتَا " , قَالَ جَابِرٌ: فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ (٤) مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقُرْبِي فَيَبْتَعِدَ , وَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي , فَحَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ , " فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُقْبِلًا , وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدْ افْتَرَقَتَا , فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ , فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَفَ وِقْفَةً وَأَشَارَ بِرَأْسِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا , ثُمَّ أَقْبَلَ , فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ قَالَ: يَا جَابِرُ , هَلْ رَأَيْتَ مَقَامِي؟ " , قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ , قَالَ: " فَانْطَلِقْ إِلَى الشَّجَرَتَيْنِ , فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا فَأَقْبِلْ بِهِمَا , حَتَّى إِذَا قُمْتَ مَقَامِي , فَأَرْسِلْ غُصْنًا عَنْ يَمِينِكَ , وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِكَ " , قَالَ جَابِرٌ: فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ حَجَرًا فَكَسَرْتُهُ وَحَسَرْتُهُ (٥) فَانْذَلَقَ لِي (٦) فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا , ثُمَّ أَقْبَلْتُ أَجُرُّهُمَا حَتَّى قُمْتُ مَقَامَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْسَلْتُ غُصْنًا عَنْ يَمِينِي , وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِي , ثُمَّ لَحِقْتُهُ فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ , فَعَمَّ ذَاكَ؟ , قَالَ: " إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ , فَأَحْبَبْتُ أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا (٧) بِشَفَاعَتِي مَا دَامَ الْغُصْنَانِ رَطْبَيْنِ " , قَالَ جَابِرٌ: فَأَتَيْنَا الْعَسْكَرَ , فَشَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْجُوعَ , فَقَالَ: " عَسَى اللهُ أَنْ يُطْعِمَكُمْ " , فَأَتَيْنَا سِيفَ الْبَحْرِ (٨) فَزَخَرَ (٩) الْبَحْرُ زَخْرَةً , فَأَلْقَى دَابَّةً ,

فَأَوْرَيْنَا (١٠) عَلَى شِقِّهَا النَّارَ , فَاطَّبَخْنَا وَاشْتَوَيْنَا , وَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا , قَالَ جَابِرٌ: فَدَخَلْتُ أَنَا وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ - حَتَّى عَدَّ خَمْسَةً - فِي حِجَاجِ عَيْنِهَا (١١) مَا يَرَانَا أَحَدٌ حَتَّى خَرَجْنَا, فَأَخَذْنَا ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَقَوَّسْنَاهُ (١٢) ثُمَّ دَعَوْنَا بِأَعْظَمِ رَجُلٍ فِي الرَّكْبِ , وَأَعْظَمِ جَمَلٍ فِي الرَّكْبِ , وَأَعْظَمِ كِفْلٍ (١٣) فِي الرَّكْبِ , فَدَخَلَ تَحْتَهُ مَا يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ. (١٤)


(١) أَيْ: وَاسِعًا.
(٢) الْبَعِير الْمَخْشُوش: هُوَ الَّذِي يُجْعَلُ فِي أَنْفِهِ خِشَاشٌ , بِكَسْرِ الْخَاء، وَهُوَ عُودٌ يُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِير إِذَا كَانَ صَعْبًا , وَيُشَدُّ فِيهِ حَبْلٌ لِيَذِلَّ وَيَنْقَاد، وَقَدْ يَتَمَانَعُ لِصُعُوبَتِهِ، فَإِذَا اِشْتَدَّ عَلَيْهِ وَآلَمَهُ , اِنْقَادَ شَيْئًا , وَلِهَذَا قَالَ " الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَه " , وَهَذَا مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الظَّاهِرَاتِ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. شرح النووي (ج ٩ / ص ٣٩١)
(٣) (الْمَنْصَف): نِصْف الْمَسَافَة.
(٤) أَيْ: أَعْدُو وَأَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا.
(٥) أَيْ: أَحْدَدْتُهُ وَنَحَّيْتُ عَنْهُ مَا يَمْنَعُ حِدَّته , بِحَيْثُ صَارَ مِمَّا يُمْكِنُ قَطْعِي الْأَغْصَانَ بِهِ. شرح النووي (ج٩ص٣٩١)
(٦) أَيْ: صَارَ حَادًّا.
(٧) أَيْ: يُخَفَّف. شرح النووي على مسلم - (ج ٩ / ص ٣٩١)
(٨) أَيْ: سَاحِلَ الْبَحْر.
(٩) زَخَرَ: أَيْ عَلَا مَوْجُه.
(١٠) أَيْ: أوقدنا.
(١١) هُوَ عَظْمُهَا الْمُسْتَدِيرُ بِهَا. شرح النووي على مسلم - (ج ٩ / ص ٣٩١)
(١٢) أَيْ: جَعَلْناه على هيئة قوس.
(١٣) الْمُرَاد بِالْكِفْلِ هُنَا: الْكِسَاءُ الَّذِي يَحْوِيهِ رَاكِبُ الْبَعِيرِ عَلَى سَنَامِهِ لِئَلَّا يَسْقُط، فَيَحْفَظُ الرَّاكِب، قَالَ الْأَزْهَرِيّ: وَمِنْهُ اِشْتِقَاق قَوْله تَعَالَى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَته} أَيْ: نَصِيبَيْنِ يَحْفَظَانِكُمْ مِنْ الْهَلَكَة، كَمَا يَحْفَظُ الْكِفْل الرَّاكِب. شرح النووي على مسلم - (ج ٩ / ص ٣٩١)
(١٤) (م) ٣٠١٤