للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(خ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " لَا عَدْوَى (١) وَلَا طِيَرَةَ (٢) وَلَا صَفَرَ (٣) وَلَا هَامَةَ (٤) وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ (٥) فِرَارَكَ مِنْ الْأَسَدِ " (٦)


(١) الْعَدْوَى هُنَا مُجَاوَزَةُ الْعِلَّةِ مِنْ صَاحِبِهَا إِلَى غَيْرِهِ.
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّأوِيلِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْمُرَادُ مِنْهُ نَفْيُ ذَلِكَ وَإِبْطَالُهُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ , وَالْقَرَائِنُ الْمَسُوقَةُ عَلَى الْعَدْوَى, وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِبْطَالَهَا، فَقَدْ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: " فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ " , وَقَالَ: " لَا يُورَدَنَّ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ "، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ نَفْيَ مَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ أَصْحَابُ الطَّبِيعَةِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ الْعِلَلَ الْمُعْدِيَةَ مُؤَثِّرَةً لَا مَحَالَةَ، فَأَعْلَمَهُمْ بِقَوْلِهِ هَذَا أَنْ لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُونَ، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَشِيئَةِ , إِنْ شَاءَ اللهُ كَانَ , وَإِنْ لَمْ يَشَأ لَمْ يَكُنْ. تحفة الأحوذي - (ج ٤ / ص ٢٨٨)
(٢) الطِّيَرَة وَالشُّؤْم بِمَعْنَى وَاحِدٍ. فتح الباري (ج ٨ / ص ٤٨٤)
(٣) (الصَّفَرَ) قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ: هُوَ دَاءٌ يَأخُذُ الْبَطْنَ , قَالَ الْحَافِظُ: كَذَا جَزَمَ بِتَفْسِيرِ الصَّفَرِ , وَقال أَبُو عُبَيْدَةَ: هِيَ حَيَّةٌ تَكُونُ فِي الْبَطْنِ , تُصِيبُ الْمَاشِيَةَ وَالنَّاسَ , وَهِيَ أَعْدَى مِنْ الْجَرَبِ عِنْدَ الْعَرَبِ، فَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِنَفْيِ الصَّفَرِ مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ فِيهِ مِنْ الْعَدْوَى , وَرَجَحَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ هَذَا الْقَوْلُ لِكَوْنِهِ قُرِنَ فِي الْحَدِيثِ بِالْعَدْوَى، فَرَدَّ ذَلِكَ الشَّارِعُ بِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا فَرَغَ الْأَجَلُ.
وَقِيلَ فِي الصَّفَرِ قَوْلٌ آخَرُ , وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ شَهْرُ صَفَرَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُحَرِّمُ صَفَرَ , وَتَسْتَحِلُّ الْمُحَرَّمَ، فَجَاءَ الْإِسْلَامُ بِرَدِّ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: " لَا صَفَرَ ". تحفة الأحوذي - (ج ٥ / ص ٤٣٢)
(٤) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ: الْهَامَةُ: الرَّأسُ, وَاسْمُ طَائِرٍ , وَهُوَ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَشَاءَمُونَ بِهَا , وَهِيَ مِنْ طَيْرِ اللَّيْلِ , وَقِيلَ: هِيَ الْبُومَةُ.
وَقِيلَ: كَانَتْ الْعَرَبُ تَزْعُمُ أَنَّ رُوحَ الْقَتِيلِ الَّذِي لَا يُدْرَكُ بِثَأرِهِ تَصِيرُ هَامَةً, فَتَقُولُ: اِسْقُونِي , فَإِذَا أُدْرِكَ بِثَأرِهِ طَارَتْ.
وَقِيلَ: كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ عِظَامَ الْمَيِّتِ - وَقِيلَ: رُوحُهُ - تَصِيرُ هَامَةً , فَتَطِيرُ , وَيُسَمُّونَهُ الصَّدَى، فَنَفَاهُ الْإِسْلَامُ , وَنَهَاهُمْ عَنْهُ. تحفة الأحوذي (٥/ ٤٣١)
(٥) (الْجُذَام): عِلَّةٌ رَدِيئَةٌ تَحْدُثُ مِنْ اِنْتِشَارِ الْمِرَّةِ السَّوْدَاء فِي الْبَدَنِ كُلِّه , فَتُفْسِدُ مِزَاجَ الْأَعْضَاء، وَرُبَّمَا أَفْسَدَ فِي آخِرِهِ إِيصَالَهَا حَتَّى يَتَآكَّل.
قَالَ اِبْنُ سِيدَهْ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَجَذُّمِ الْأَصَابِع وَتَقَطُّعهَا. (فتح) (١٦/ ٢٢٥)
(٦) (خ) ٥٣٨٠ , (حم) ٩٧٢٠ , صحيح الجامع: ٧٥٣٠، الصَّحِيحَة: ٧٨٣