للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(خ حم) , عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ: (كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ - رضي الله عنه - فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ (١) فَقَالَ: بَكِّرُوا (٢) بِصَلَاةِ الْعَصْرِ , فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ) (٣) (مُتَعَمِّدًا أَحْبَطَ اللهُ عَمَلَهُ ") (٤)

الشرح (٥)


(١) أَيْ: يوم غائم , وخَصَّ يَوْمَ الْغَيْمِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّأخِيرِ , إِمَّا لِمُتَنَطِّعٍ يَحْتَاطُ لِدُخُولِ الْوَقْتِ, فَيُبَالِغُ فِي التَّأخِيرِ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، أَوْ لِمُتَشَاغِلٍ بِأَمْرٍ آخَرَ , فَيَظُنُّ بَقَاءَ الْوَقْتِ , فَيَسْتَرْسِلُ فِي شُغْلِهِ إِلَى أَنْ يَخْرُجَ الْوَقْتُ. فتح الباري (ج٢ص٣٢٧)
(٢) أَيْ: عَجِّلُوا. فتح الباري (ج ٢ / ص ٣٢٧)
(٣) (خ) ٥٢٨ , (س) ٤٧٤
(٤) (حم) ٢٣٠٩٥ , (خ) ٥٢٨ , (س) ٤٧٤، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين
(٥) قَالَ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ: الْقَوْلُ الْفَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الْإِحْبَاطَ إحْبَاطَانِ: أَحَدُهُمَا: إِبْطَالُ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ , وَإِذْهَابُهُ جُمْلَةً , كَإِحْبَاطِ الْإِيمَانِ لِلْكُفْرِ وَالْكُفْرِ لِلْإِيمَانِ، وَذَلِكَ فِي الْجِهَتَيْنِ إِذْهَابٌ حَقِيقِيّ.
ثَانِيهمَا: إِحْبَاطُ الْمُوَازَنَةِ إِذَا جُعِلَتْ الْحَسَنَاتُ فِي كِفَّة , وَالسَّيِّئَاتُ فِي كِفَّة فَمَنْ رَجَحَتْ حَسَنَاتُه نَجَا، وَمَنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاتُه , وُقِفَ فِي الْمَشِيئَة ,
إِمَّا أَنْ يُغْفَر لَهُ , وَإِمَّا أَنْ يُعَذَّب , فَالتَّوْقِيفُ إِبْطَالٌ مَا؛ لِأَنَّ تَوْقِيفَ الْمَنْفَعَةِ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا إِبْطَالٌ لَهَا، وَالتَّعْذِيبُ إِبْطَالٌ أَشَدُّ مِنْهُ إِلَى حِينِ الْخُرُوج مِنْ النَّار، فَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إِبْطَالٌ نِسْبِيٌّ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اِسْمُ الْإِحْبَاطِ مَجَازًا، وَلَيْسَ هُوَ إِحْبَاطٌ حَقِيقَة , لِأَنَّهُ إِذَا أُخْرِجَ مِنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّة عَادَ إِلَيْهِ ثَوَابُ عَمَلِه، وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِ الْإحْبَاطِيَّة الَّذِينَ سَوَّوْا بَيْن الْإحْبَاطَيْنِ , وَحَكَمُوا عَلَى الْعَاصِي بِحُكْمِ الْكَافِر، وَهُمْ مُعْظَم الْقَدَرِيَّة. وَالله الْمُوَفِّق. فتح الباري (ج١ ص٧٦)