للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ت د جة) , عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ - رضي الله عنها - قَالَتْ: (كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً , فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ , فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ أُخْتِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ - رضي الله عنها - , فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَمَا تَرَى فِيهَا؟ , قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ , فَقَالَ: " أَنْعَتُ لَكِ الْكُرْسُفَ (١) فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ " , فَقُلْتُ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ , قَالَ: " فَتَلَجَّمِي " , فَقُلْتُ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ , قَالَ: " فَاتَّخِذِي ثَوْبًا " , فَقُلْتُ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ , إِنِّي أَثُجُّ ثَجًّا (٢) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ , أَيَّهُمَا فَعَلْتِ أَجْزَأَ (٣) عَنْكِ , وَإِنْ قَوِيتِ عَلَيْهِمَا فَأَنْتِ أَعْلَمُ , قَالَ لَهَا: إِنَّمَا هَذِهِ رَكْضَةٌ (٤) مِنْ رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ , فَتَحَيَّضِي (٥) سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي عِلْمِ اللهِ (٦) ثُمَّ اغْتَسِلِي) (٧) (غُسْلًا) (٨) (حَتَّى إِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَأتِ (٩) فَصَلِّي ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا وَصُومِي , فَإِنَّ ذَلِكِ يُجْزِئُكِ ") (١٠)


(١) الكرسف: القطن.
(٢) الثَّجّ: السَيَلان والصَّبُّ الكثير.
(٣) أجزأ: قضى وأغنى وكفى.
(٤) الرَّكْضَة: ضَرْب الْأَرْض بِالرِّجْلِ حَال الْعَدْو كَمَا تَرْكُض الدَّابَّة وَتُصَاب بِالرِّجْلِ، أَرَادَ بِهَا الْإِضْرَار وَالْأَذَى، يَعْنِي أَنَّ الشَّيْطَان قَدْ وَجَدَ بِهِ طَرِيقًا إِلَى التَّلْبِيس عَلَيْهَا فِي أَمْر دِينهَا وَطُهْرهَا وَصَلَاتهَا حَتَّى أَنْسَاهَا ذَلِكَ عَادَتهَا , وَصَارَ فِي التَّقْدِير كَأَنَّهُ رَكْضَة نَالَتْهَا مِنْ رَكَضَاته. عون المعبود - (ج ١ / ص ٣٣٢)
(٥) أَيْ: اعتبري نفسك حائضا، فلا تصلي ولا تصومي هذه المدة.
(٦) قال النووي (٦٢ - ٣٣٣):
اعْلَمْ أنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ تَرَى دَمًا لَيْسَ بِحَيْضٍ , وَلَا يُخْلَطُ بِالْحَيْضِ , كَمَا إِذَا رَأَتْ دُونَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَرَى دَمًا بَعْضُهُ حَيْضٌ , وَبَعْضُهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ , بِأَنْ كانَتْ تَرى دَمًا مُتَّصِلا دائما , أو مُجَاوزا لِأَكْثَرِ الْحَيْضِ , وَهَذِهِ لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ , أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مُبْتَدِأَةً , وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَرَ الدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ ,
وَفِي هَذَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ , أَصَحُّهُمَا: تُرَدُّ إِلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
وَالثَّانِي: إِلَى سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ.
وَالْحَالُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُعْتَادَةً , فَتُرَدُّ إِلَى قَدْرِ عَادَتِهَا فِي الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَ شَهْرِ اسْتِحَاضَتِهَا.
وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ مُمَيِّزَةً , تَرَى بَعْضَ الْأَيَّامِ دَمًا قَوِيًّا , وَبَعْضَهَا دَمًا ضَعِيفًا كَالدَّمِ الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ , فَيَكُونُ حَيْضُهَا أيام الْأَسْوَد , بِشَرْطِ أن لا يَنْقُصَ الْأَسْوَدُ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ , وَلَا يَزِيدَ عَلَى خمسة عشر يوما , ولا ينقص الْأَحْمَرُ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ. وَاللهُ أَعْلَمُ. أ. هـ
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ , فَأَبُو حَنِيفَةَ مَنَعَ اعْتِبَارَ التَّمْيِيزِ مُطْلَقًا وَالْبَاقُونَ عَمِلُوا بِالتَّمْيِيزِ فِي حَقِّ الْمُبْتَدَأَةِ , وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا تَعَارَضَتِ الْعَادَةُ وَالتَّمْيِيزُ.
فَاعْتَبَرَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا التَّمْيِيزَ , وَلَمْ ينظروا إلى العادة , وَعَكَسَ ابنُ خَيْرَانَ. تحفة١٢٥
(٧) (د) ٢٨٧ , (ت) ١٢٨ , (جة) ٦٢٧ , (حم) ٢٧٥١٤
(٨) (جة) ٦٢٧
(٩) أَيْ: بَالَغَتْ فِي التَّنْقِيَة.
(١٠) (د) ٢٨٧ , (حم) ٢٧٥١٤ , (ت) ١٢٨ , (جة) ٦٢٧