للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (مِّن قُوَّةٍ) عامةٌ لكل قوة في كافة المجالات بدليل «من» التي إذا دخلت على النكرة نصت على العموم، وخص القوة العسكرية بالأمر المستقل (وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ) مع أنها داخلة دخولا أوليا في عموم الأمر بالقوة؛ لأنها حارسة للقوة كافة.

ورباط الخيل كناية عن العدة العسكرية (١).

وغاية هذا الأمر الشرعي بالقوتين منصوصة في قوله تعالى (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) (الأنفال: ٦٠).

فلزم الوصول إلى هذا المطلوب بحيث يحقق الإرهاب الاقتصادي، والتقني، والنهضوي العام، لا الإرهاب العدواني المرفوض الذي تنهجه كبار دول العالم هيمنةً ونهباً واحتلالاً وتهديداً وتدخلاً في الشئون الداخلية للدول الأخرى.

فهذا إرهاب مرفوض كإرهاب قطاع الطرق وعصابات العدوان المسلح على المدنيين بمسميات مختلفة تفجيرا واغتيالا وأسرا وتخويفا وتهديدا.

بخلاف الإرهاب الاقتصادي والتقني والنهضوي والعسكري المحقق لتوازن القوى، فهو مفروض لا مرفوض.

والحاصل أن الإحسان في العمل مطلوب شرعا، وهو شامل لإحسان التعامل عموما (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) (البقرة: ٨٣)، وهذا عام لمسلم وغير مسلم.

ومطلوب شرعا اتخاذ وسائل تكريمية وتحفيزية؛ لتحقيق الإحسان؛ لأنها مقصودة شرعاً (هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ) (الرحمن: ٦٠)، وهذا طلب لمكافأة من أحسن، وقد خرج مخرج الخبر لتأكيده، وفي النص «ومن أحسن إليكم فكافئوه» (٢).

والإكرام وسيلة إليه (أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) (يوسف: ٢١)، وتترتب


(١) - تستعملها العرب للدلالة على شدة القوة الحربية، فتقول «بنو فلان كثيرو رباط الخيل» أي: أهل حرب. وكثيرو الرماد، أي: كرماء.
(٢) - أخرجه الإمام أحمد في المسند بسند على شرط الشيخين برقم ٥٣٦٥ عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن أتى عليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه». وهو في سنن أبي داود برقم ١٦٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>