للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا الأَخِيرُ أَجْوَدُهَا، فَقَدْ قَامَ الدُّكْتُورُ مُحَمَّدُ بَسَامُ بِجُهْدٍ كَبِيرٍ فِي اسْتِقْصَاءِ مَرْوِيَّاتِ الشَّافِعِيِّ عَنِ الإِمَامِ مَالِكٍ الْمَنْثُورَةِ فِي بُطُونِ كُتُبِ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَصَادِرِ الْمُتَقَدَّمَةِ، فَاجْتَمَعَ لَهُ ٨٥٠ رِوَايَةً، إِلَى جَانِبِ حَشْدِ مِئَاتِ المَسَائِلِ وَالفَوَائِدِ مِنْ كَلَامِ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ مِمَّا أَوْدَعَهُ كُتُبَهُ، أَوْ نَقَلَتْهُ عَنْهُ الْمَصَادِرُ الْمُعْتَمَدَةُ.

أَشَارَ قِوامُ السُّنَّةِ التَّيْمِيُّ فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ إِلَى رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ، وَلَمْ يُسَمِّهِ، وَإِنَّمَا قَالَ (٥/ ١١٠): "وَرَوَاهُ بَعْضُ الكِبَارِ عَنْ مَالِكٍ: (تَقْبِصُ) (١)،


(١) وهي روايةُ الشَّافِعِيِّ كما نصَّ عليه الحافظ أبو موسى المدِيني في المجموع المغيث (٢/ ٦٥٥)، والحافظُ ابن حَجَرٍ في فَتْح البَاري (٩/ ٤٨٩)، وهي في مُسنَده (ص: ٣٠٠)، وهو في الأم (٥/ ٢٤٦) بلفظ: (تَقْبضُ) بالضاد.
ونقلَ أبو العَبَّاس الدَّاني في الإِيماء إلى أَطْرافِ الموطأ (٤/ ١٩٩) عن ابن معين أنَّ أبَا سَلَمَة الخُزاعِي قَال فِيهِ عَنْ مالِك: (قَتَقْبِصُ): يُريدُ بالقَافِ، والبَاء المعْجَمة بواحِدَةٍ، من (القَبْصِ)، حَكاه الدَّارَقُطني، وَهُو تَصْحِيفٌ.
قلت: كلامُ ابن مَعِينٍ في كتاب التاريخ له - رواية عبَّاس الدُّوري - (٤/ ٤٠٢)، لكنَّ المُثْبَتَ فِيه: (تَفْتَضُّ)!!، ثُمَّ قَال أَبُو سَلَمَة: "هَكَذا قالَ مَعْنٌ، وَحَجَّاجٌ عن مَالِكٍ: (فَتَفْتضُّ) ".
وروايةُ أبي سَلَمة المشَارِ إِلَيْهَا عَزَاهَا مُحَقِّق الإيماء إلى تاريخِ ابن أبي خيثمة (ص: ٢٤٧ - ٢٤٨) (رقم: ٣٧٣ - رسالة ماجستير بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، بتحقيق: كمال بن محمد المالقي)، لكنَّ الرِّوايَةَ فِيه: (فَتَفْتَضُّ)!!
وقد رجعتُ إِلى التَّاريخ لابنِ أبي خَيْثَمة المطْبوع بتَحْقِيق صَلاح بن فَتْحي هلال (٢/ ٨٢٢)، فلم يَذْكُر فيه هذا اللفظ أَصْلًا.
وقد حَكَم ابن قُتَيبة في غَريبِ الحدِيث عَلى رِوَايَة (تقبصُ) بالخَطأ، بل قَال الدَّارَقطني كَمَا تَقَدَّم: إِنَّها تَصْحِيفٌ، لكن لا يُسَلَّم لَهُم هذا، فإِنَّ الشَّافعيَّ رَوَاهَا كَذَلِك، وهُو مِنْ أَهْلِ اللِّسَان، ووَافَقَهُ عَليْها طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ العَرَبِيَّة كالأَزْهَرِيِّ وغَيْرِه، ويُنْظر: المجموع المغيث لأبي موسى المديني (٢/ ٦٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>