أَحْدَثَ، هَذَا قَوْلٌ مَالِكٍ (١) وَالشَّافِعِيِّ (٢) وَأَحْمَدَ (٣): لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا حتَّى يَكُونَ طَاهِرًا الطَّهَارَةَ التَّامَّةَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٤) وَالثَّوْرِيُّ: يَجُوزُ لَهُ المَسْحُ عَلَيْهِمَا.
وَحَدِيثُ الْمُغِيرَةِ يَرُدُّ هَذَا القَوْلَ لِقَوْلِهِ: (دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ)، فَجَعَلَ العِلَّةَ فِي جَوَازِ المَسْحِ وُجُودَ اللُّبْسِ وَالرِّجْلَانِ طَاهِرِتَانِ بِطُهْرِ الوُضُوء.
وَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ: دَلِيلٌ عَلَى خِدْمَةِ العُلَمَاءِ، وَأَنَّ لِلْخَادِمِ أَنْ يَقْصِدَ إِلَى مَا يَعْرِفُ مِنْ خِدْمَتِهِ دُونَ أَنْ يُؤْمَرَ بِهَا، لِقَوْلِهِ: (أَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ).
وَفِيهِ إِمْكَانُ الفَهْمِ عَنِ الإِشَارَةِ، وَرَدُّ الجَوابِ عَلَى مَا يُفْهَمُ بِالإِشَارَةِ، لِأَنَّ الْمُغِيرَةَ أَهْوَى لِيَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَفَهِمَ عَنْهُ ﷺ مَا أَرَادَ، فَأَفْتَاهُ بِأَنَّهُ يُجْزِئُهُ الْمَسْحُ.
وَمِنْ بَابٍ: مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأُ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ
* حَدِيثُ ابن عَبَّاسٍ ﵁ (٥):
ذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ قُدَمَاءِ السَّلَفِ إِلَى [عَدَمِ] (٦) إِيجَابِ الوُضُوءِ مِنْ أَكْلِ مَا غَيَّرَتِ
(١) ينظر: المدوَّنَة (١/ ١٤٤)، والكافي لابن عبد البر (ص: ٢٦)، والتفريع لابن الجلاب (١/ ١٩٩)، وعقد الجواهر الثمينة لابن شَاس (١/ ٨٦).
(٢) ينظر: الأم للشَّافعي (١/ ٣٢)، والمهذب للشيرازي (١/ ٢١)، والمجموع للنووي (١/ ٥١١).
(٣) ينظر: المغني لابن قدامة (١/ ٢٨٢).
(٤) ينظر: الأصل لمحمَّد بن الحسن (١/ ٨٩)، مختصر الطحاوي (ص: ٢١)، وحاشية ابن عابدين (١/ ٢٧٠ - ٢٧١).
(٥) حديث (رقم: ٢٠٧).
(٦) زيادة يقتضيها السياق.