للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت أقوى حجة دامغة عليهم في نقطتين:

هل علم النبي وأصحابه أن كلام الله مخلوق.

فإن كان الجواب بنعم، ألم يسعك ما يسعهم؟!

وإن كان الجواب بلا، فمن أنت حتى تؤتى من العلم ما لم يؤت نبينا ولا أصحابه؟!

واستمرت هذه الحال ثمانية وعشرين شهرًا، والمعتصم يقول لأحمد: لولا أني وجدتك في يد من كان قبلي ما عرضت لك، ويريد أن يخلي سبيله، وابن أبي دؤاد يصرفه عما يريد، ويهول عليه سوء العاقبة إن أطلقه وخلّى سبيله.

ومن عجيب خلق الإمام وسمو نفسه إعلانه العفو عن كل من آذاه، وأنه في حل إلا صاحب بدعة، وجعل المعتصم في حل يوم فتح بابل وعمورية!

ثم توفي المعتصم سنة ٢٢٧ للهجرة وتولى بعده ابنه الواثق فلم يستطع أن يعاود الكرة مرة أخرى لكنه أرسل إلى عامله إسحاق ينهى فيه الإمام أحمد عن مساكنته وليذهب حيث شاء!، وابتلى غير أحمد من الأئمة العلماء، وذبح أحمد بن نصر الخزاعي، وقيل: إنه تاب من هذا القول قبل موته، فلما ولي المتوكل الخلافة رفع الله به المحنة وأظهر السنة، وأفل نجم التجهم والاعتزال، وكتب بذلك إلى الآفاق سنة ٢٣٤ للهجرة وكانت له مع أحمد الأخبار الحسان والتي يظهر فيها إكرام العالم وورع الإمام، وتقدير العالم، وإجلال أهل الديانة والمعروف، حكى ابن الجوزي أن الإمام أحمد بن حنبل قيل له أيام المحنة: يا أبا عبد الله! ألا ترى الحق كيف ظهر عليه الباطل؟! فقال: كلا. إن ظهور الباطل على الحق أن تنتقل القلوب من الهدى إلى الضلالة، وقلوبنا بعد لازمة للحق.

[الفرع السابع: وفاة الإمام ]

بعد أفول هذه الفتنة، والتي ذاق الإمام أحمد مرارتها سنوات طوال،

<<  <   >  >>