للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَنُؤَدِّيَ إلَيْك كَمَا يُؤَدِّي النَّاسُ، وَنُصِيبَ كَمَا يُصِيبُونَ، قَالَ: فَسَكَتَ طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ: "إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ، إنَّمَا هِيَ أوساخ الناس"، أدعو إلَيَّ مَحْمِيَّةَ بْنَ جَزْءٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الْأَخْمَاسِ، وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَتَيَاهُ، فَقَالَ لِمَحْمِيَّةَ: أَنْكِحْ هَذَا الْغُلَامَ ابْنَتَك لِلْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ فَأَنْكَحَهُ، وَقَالَ لِنَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ: أَنْكِحْ هَذَا الْغُلَامَ ابْنَتَك لِي، فَأَنْكَحَنِي، وَقَالَ لِمَحْمِيَّةَ: أَصْدِقْ عَنْهُمَا مِنْ الْخُمُسِ: كَذَا وَكَذَا، مُخْتَصَرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"١ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى ثَنَا مُسَدَّدٌ ثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَمِعْت أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ حَنَشٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ مُخْتَصَرَةً، وَفِي آخِرِهِ: فَقَالَ لَهُمَا عليه السلام: "إنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْءٌ، إنَّمَا هِيَ غُسَالَةُ الْأَيْدِي، وَإِنَّ لَكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ لَمَا يُغْنِيكُمْ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"٢ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا شَرِيكٌ عَنْ خَصِيفٍ٣ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ، فَجَعَلَ لَهُمْ خُمُسَ الْخُمُسِ، انتهى. ورواه الطبراني فِي "تَفْسِيرِهِ" حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ بِهِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ لَا يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ، فَجَعَلَ لَهُمْ خُمُسَ الْخُمُسِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: رُوِيَ أَنَّ مَوْلًى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ، أَتَحِلُّ لِي الصَّدَقَةُ؟ فَقَالَ: "لَا، أَنْتَ مَوْلَانَا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد٤، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام بَعَثَ رَجُلًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ: اصْحَبْنِي، فَإِنَّك تُصِيبُ مِنْهَا، قَالَ: حَتَّى آتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْأَلَهُ، فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: "مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَالْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ"، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، انْتَهَى. وَأَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمُهُ: أَسْلَمُ، وَابْنُ أَبِي رَافِعٍ اسْمُهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ، وَهُوَ كَاتِبُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، انْتَهَى. بَقِيَّةُ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ، "وَمَوْلَى الْقَوْمِ


١ قال في "الزوائد" ص ٩١ ج ٣: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه حسين بن قيس الملقب بحنش، وفيه كلام كثير، وقد وثقه أبو محصن.
٢ ابن أبي شيبة: ص ٦١ ج ٣، وابن جرير في "تفسيره" ص ٥ ج ١٠ عن ابن وكيع به.
٣ في المصنف: حصين، وظني أنه ليس بصحيح.
٤ أبو داود في "باب الصدقة على بني هاشم" ص ٢٤٠، والترمذي في "باب كراهية الصدقة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ص ٨٣، والنسائي في "باب موالي القوم منهم" ص ٣٦٦، وأحمد في "مسنده" ص ٨ ج ٦، وص ١٠ ج ٦، والحاكم في "المستدرك" ص ٤٠٤ ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>