قلنا: هذا ليس بمؤثر، أما أولاً: فبأن الشرطي ليس من رجالهما، وليس من رجال ما سواهما من السنن، فإن قيل: لم يقنع عروة بقول الشرطي حتى أتى بسرة فسأها مشافهة قلنا: كذا قالوا، ولكن لم يقنع به ابن المديني، ولا يحيى بن معين. وأحمد حيث قال لهما: لما علل يحيى حديث طلق بقيس. وابن المديني حديث بسرة بالشرطي كلا الأمرين على ما قلتما كما في المستدرك ص ١٣٩ - ج ١، مع أن يحيى ذكر قصة الملاقاة أيضاً، ولو قنع بهذه الملاقاة البخاري ومسلم لأخرجاه في صحيحهما، وأما ثانياً: فإن ترجح من يرجح رواتهما لوفور علمهما وبلوغهما الذروة العليا في نقض الرجال ومعرفة العلل، فإذا ظننا الحديث لم يبلغهما أو بلغهما لكن كان في الباب غناء عنه ولم يحتاجا اليه، فلنا أن ترجحه لأجل رواتهما، وأما إذا علمنا أن الحديث بلغهما وكان الرجال رجالهما، ثم أعرضا عنه مع الاحتياج اليه في الباب، فالظاهر أن هذا الإعراض ليس إلا لوهن الحديث عندهما، وأنهما اطلعا منه على علة لم يطلع عليها غيرهما، ألا ترى أن البخاري يقول: أصح شيء في هذا الباب حديث العلاء بن الحارث، عن مكحول عن عنبسة عن أم حبيبة، وقد قال هو: روى مكحول عن رجل عن عنبسة غير هذا الحديث، ومفاده كما قال الترمذي: كأنه لم يره صحيحاً فترجيح البخاري حديث أم حبيبة، وهو منقطع عنده - مع أن شيئاً من رجاله ليس من رجاله في الصحيح على أحاديث الباب يؤيد ما قلنا، فكون الرجال رجال الصحيحين هذا الوجه لا يقوي أمر الحديث، بل يوهنه، وأما إعراضهما عن الحديث لأجل الرجال، لعدم بلوغهم فيما يطلبانها من الدرجة العليا، مع وجود صفة القبول فيها لا يسيء الظن بالحديث، كما يسيء في الأول، والله أعلم. أما النسخ، فكما قال ابن حبان. والطبراني. والبيهقي. والحازمي، قالوا: حديث طلق متقدم، قال ابن حبان: