للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ عليه السلام، وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسْكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهَا: أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ: " أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارًا مِنْ نَارٍ؟! "، قَالَ: فَخَلَعَتْهُمَا، فَأَلْقَتْهُمَا إلَى النَّبِيِّ عليه السلام، وَقَالَتْ: هُمَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": إسْنَادُهُ صَحِيحٌ١، وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ": إسْنَادُهُ لَا مَقَالَ فِيهِ، فَإِنَّ أَبَا دَاوُد رَوَاهُ عَنْ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ، وَحُمَيْدَ بْنِ مَسْعَدَةَ، وَهُمَا مِنْ الثِّقَاتِ، احْتَجَّ بِهِمَا مُسْلِمٌ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ إمَامٌ فَقِيهٌ، احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَكَذَلِكَ حُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ الْمُعَلِّمُ احْتَجَّا بِهِ فِي "الصَّحِيحِ"، وَوَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، فَهُوَ مَنْ قَدْ عُلِمَ، وَهَذَا إسْنَادٌ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ٢ أَيْضًا عَنْ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ، فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا، قَالَ النَّسَائِيُّ: وَخَالِدٌ أَثْبَتُ عِنْدَنَا مِنْ مُعْتَمِرٍ، وَحَدِيثُ مُعْتَمِرٍ أَوْلَى بالصواب، انْتَهَى.

طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ٣ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: أَتَتْ امْرَأَتَانِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي أَيْدِيهِمَا سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهُمَا: "أَتُؤَدِّيَانِ زَكَاةَ هَذَا؟ " قَالَتَا: لَا، فَقَالَ: " أَتُحِبَّانِ أَنْ يُسَوِّرَكُمَا اللَّهُ بِسِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟! " قَالَتَا: لَا، قَالَ: فَأَدِّيَا زَكَاتَهُ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَرَوَاهُ الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، نَحْوَ هَذَا، وَابْنُ لَهِيعَةَ، وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ يُضَعَّفَانِ فِي الْحَدِيثِ، وَلَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ، انْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: لَعَلَّ التِّرْمِذِيَّ قَصَدَ الطَّرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا، وَإِلَّا فَطَرِيقُ أَبِي دَاوُد لَا مَقَالَ فِيهَا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد: وإنما ضعف الترمذي هَذَا الْحَدِيثِ، لِأَنَّ عِنْدَهُ فِيهِ ضَعِيفَيْنِ: ابْنُ لَهِيعَةَ، وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ، انْتَهَى. وَبِسَنَدِ التِّرْمِذِيِّ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مَسَانِيدِهِمْ وَأَلْفَاظُهُمْ: قَالَ لَهُمَا: "فَأَدِّيَا زَكَاةَ هَذَا الَّذِي فِي أَيْدِيكُمَا"، وَهَذَا اللَّفْظُ يَرْفَعُ تَأْوِيلَ مَنْ يَحْمِلْهُ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ شُرِعَتْ لِلزِّيَادَةِ فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


١ قال الحافظ: في "الدراية" ص ١٦١: أبدى له النسائي علة غير قادحة، فإنه أخرجه من رواية معتمر عن حسين عن عمرو، قال: جاءت، فذكره مرسلاً، وقال: خالد أثبت عندنا من معتمر، وحديث معتمر أولى بالصواب، اهـ.
٢ النسائي: ص ٢٤٣، وسقط من النسخة المطبوعة: وحديث معتمر أولى بالصواب.
٣ الترمذي في "باب زكاة الحلي" ص ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>