للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بْنِ أَنَسٍ كِتَابًا، زَعَمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه كَتَبَهُ لِأَنَسٍ، فَذَكَرَهُ. وَهَذَا اللَّفْظُ ظَاهِرُهُ الِانْقِطَاعُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ": هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مَوْصُولٌ، إلَّا أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ قَصَرَ بِهِ، فَرَوَاهُ كَذَلِكَ يَعْنِي سَنَدَ أَبِي دَاوُد ثُمَّ إنَّ بَعْضَ مَنْ يَدَّعِي١ مَعْرِفَةَ الْآثَارِ تَعَلَّقَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: هَذَا مُنْقَطِعٌ، وَأَنْتُمْ لَا تُثْبِتُونَ الْمُنْقَطِعَ. وَإِنَّمَا وَصَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ، وَأَنْتُمْ لَا تَجْعَلُونَ ابْنَ الْمُثَنَّى حُجَّةً، وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّ يُونُسَ٢ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبَ قَدْ رَوَاهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه كَتَبَ لَهُ، وَقَدْ أَخْرَجْنَاهُ فِي "كِتَابِ السُّنَنِ". وكذلك رواه سريح بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ. وَرَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَهُوَ إمَامٌ عَنْ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ وَهُوَ أَتْقَنُ أَصْحَابِ حَمَّادٍ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بِهِ٣، ثُمَّ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ، قَالَ: وَلَا نَعْلَمُ مِنْ الْحُفَّاظِ أَحَدًا اسْتَقْصَى فِي انْتِقَادِ الرُّوَاةِ مَا اسْتَقْصَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ رضي الله عنهما، مَعَ إمَامَتِهِ فِي مَعْرِفَةِ عِلَلِ الْأَحَادِيثِ وَأَسَانِيدِهَا، وَهُوَ قَدْ اعْتَمَدَ فِيهِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ الْمُثَنَّى٤، فَأَخْرَجَهُ فِي "صَحِيحِهِ"، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ الشَّوَاهِدِ لَهُ بِالصِّحَّةِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.


١ المراد به الإمام الطحاوي، وقوله: هذا في "شرح الآثار" ص ٤١٨ ج ٢، ولعل ابن معين تكلم على الحديث أيضاً، قال ابن حزم في "المحلى" ص ٢١ ج ٦: والعجب ممن يعترض في هذا الخبر بتضعيف يحبى بن معين له الحديث حماد بن سلمة هذا، اهـ. ثم تصدى لجوابه، وقال: إنما يؤخذ من كلام ابن معين وغيره، إذا ضعفوا غير مشهور بالعدالة، وأما دعوى ضعف حديث رواته ثقات، أو ادعوا فيه أنه خطأ، من غير أن يذكروا ندليساً، فكلام مطروح مردود، اهـ، وقال ابن التركماني في "الجوهر" ص ٨٩ ج ٤: ذكر الدارقطني في "كتاب التتبع على الصحيحين" أن ثمامة لم يسمع من أنس، ولا سمعه عبد الله بن المثنى من ثمامة، وفي "الأطراف" للمقدسي، قيل لابن معين: حديث ثمامة عن أنس في "الصدقات" قال: لا يصح، وليس بشيء، ولا يصح في هذا حديث في الصدقات. قلت: ثم عبد الله بن المثنى متكلم فيه، قال الساجي: ضعيف، منكر الحديث، قال أبو داود: لا أخرج حديثه، وفي "الضعفاء" لابن الجوزي، قال: أبو سلمة كان ضعيفاً في الحديث، اهـ. قلت: ما ذكره عن الدارقطني ذكره الحافظ في "مقدمة الفتح" ص ٣٥٥، وفي "التلخيص" ص ١٧٣، وزاد: ثم روى عن علي بن المديني عن عبد الصمد حدثني عبد الله بن المثنى، قال: دفع إلى ثمامة هذا الكتاب، قال: وحدثنا عفان حدثنا حماد قال: أخذت من ثمامة كتاباً عن أنس، وقال: حماد بن زيد عن أيوب: أعطاني ثمامة كتاباً، انتهى.
٢ حديث يونس بن محمد المؤدب أخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" ص ١٨٦ ج ٤، وابن حزم في "المحلى" ص ١٩ ج ٦، وحديث سريج أخرجه ابن حزم في "المحلى" ص ١٩ ج ٦، والنسائي في "باب زكاة الغنم" ص ٣٤٠ ج ١، لكن فيه سريح "بالمهملة" وظني أنه هو الصحيح، وحديث إسحاق عن نضر بن شميل أخرجه الدارقطني في "سننه" ص ٢٠٩، والحاكم في "المستدرك" ص ٣٩٢، وكذلك رواه أبو كامل المظفر بن مدرك، روى عنه النسائي في "سننه" ص ٣٣٦، ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" ص ٢٠ ج ٦، ورواه أحمد: ص ١١ ج ١ أيضاً.
٣ يقول البيهقي هذا، وقد قال نفسه في "السنن" ص ٤٠٣ ج ٢: حماد بن سلمة عن أبي نعامة عن أبي نضرة كل واحد منهم مختلف في عدالته، ولذلك لم يحتج البخاري في "الصحيح" لواحد.
٤ ابن المثنى صدوق، كثير الغلط، قاله في "التقريب".

<<  <  ج: ص:  >  >>