للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَوْتَ الْمِسَاحِيِّ فِي السَّحَرِ، لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمَنْهِيُّ عَنْهُ الدَّفْنُ قَبْلَ الصَّلَاةِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ١: ثَلَاثُ سَاعَاتٍ، الْحَدِيثَ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَتَحَرَّى الدَّفْنَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، دُونَ غَيْرِهَا، وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الدَّفْنُ بِاللَّيْلِ، وَيَدْفَعُ تَفْسِيرَ النَّوَوِيِّ، وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ دُفِنُوا لَيْلًا، فَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ فِي "الْبُخَارِيِّ"٢ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، قَالَ لَهَا: فِي كَمْ كُفِّنَ النَّبِيُّ عليه السلام، إلَى أَنْ قَالَتْ: فَلَمْ يُتَوَفَّ حَتَّى أَمْسَى مِنْ لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ، وَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد٣ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رَأَى نَاسٌ فِي الْمَقْبَرَةِ نَارًا، فَأَتَوْهَا، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَبْرِ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ: "نَاوِلُونِي صَاحِبَكُمْ"، وَإِذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالذِّكْرِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَسَنَدُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ٤ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَاتَ إنْسَانٌ كَانَ النَّبِيُّ عليه السلام يَعُودُهُ، فَمَاتَ بِاللَّيْلِ، فَدَفَنُوهُ لَيْلًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: "مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي"؟ قَالُوا: كَانَ اللَّيْلُ وَالظُّلْمَةُ، فَكَرِهْنَا أَنْ نَشُقَّ عَلَيْك، فَأَتَى قَبْرَهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ٥ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "لَا نُوَرَّثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ"، وَأَبَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَهَجَرَتْهُ: وَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ صَلَّى عَلَيْهَا عَلِيٌّ رضي الله عنه، وَدَفَنَهَا لَيْلًا، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ، وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنْ النَّاسِ جِهَةٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا مَاتَتْ اسْتَنْكَرَ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ، وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَايَعَ تِلْكَ الْأَشْهُرَ، مُخْتَصَرٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الْجِهَادِ".


١ حديث عقبة بن عامر تقدم في "فصل الأوقات المكروهة" ص ٢٥٠، راجعه.
٢ البخاري في "باب موت يوم الاثنين" ص ١٨٦.
٣ أبو داود في "باب الدفن بالليل" ص ٩٥ ج ٢، والحاكم في "المستدرك" ص ٣٦٨ ج ١.
٤ البخاري في "باب الأذن بالجنازة" ص ١٦٧، قوله: فصففنا، الخ، في: ص ١٧٦ ج ١.
٥ البخاري في؟ غزوة خيبر" ص ٦٠٩، ومسلم في "الجهاد في باب حكم الفىء" ص ٩١ ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>