للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنَاوِلُنَاهَا ثَوْبًا ثَوْبًا، انْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ، وَفِيهِ مَنْ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ، قَالَ: وَالْحِقَا "بِكَسْرِ الْحَاءِ" مَقْصُورٌ، وَلَعَلَّهُ لُغَةٌ فِي "الْحِقْوِ"، انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: رُوِيَ أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ حِينَ اُسْتُشْهِدَ، كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ١ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ عَنْ خَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ، قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى، لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا: مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ نَمِرَةَ، فَكُنَّا إذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ، بَدَا رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْإِذْخِرِ، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "الْمَنَاقِبِ"، وَالْبَاقُونَ فِي "الْجَنَائِزِ".

الْحَدِيثُ السَّادِسُ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِجْمَارِ أَكْفَانِ ابْنَتِهِ وِتْرًا، قُلْت: غَرِيبٌ، وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ السَّابِعِ وَالثَّمَانِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ. وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"٢، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ قُطَيَّةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إذَا أَجْمَرْتُمْ الْمَيِّتَ فَأَجْمِرُوا ثَلَاثًا"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِابْنِ حِبَّانَ: "فَأَوْتِرُوا"، وَفِي لَفْظٍ لِلْبَيْهَقِيِّ: "جَمِّرُوا كَفَنَ الْمَيِّتِ ثَلَاثًا"، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، وَلَا أَظُنُّهُ إلَّا غَلَطًا، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَكَأَنَّ ابْنَ مَعِينٍ بَنَاهُ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ: إنَّ الْحَدِيثَ إذَا رُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، فَالْحُكْمُ لِلْوَقْفِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحُكْمَ لِلرَّفْعِ، لِأَنَّهُ زِيَادَةُ ثِقَةٍ، وَلَا شَكَّ فِي ثِقَةِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ، أَنَّهَا قَالَتْ عِنْدَ مَوْتِهَا: إذَا أَنَا مِتَّ فَاغْسِلُونِي، وَكَفِّنُونِي، وَأَجْمِرُوا ثِيَابِي، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. أَوْ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ، فَذَكَرَهُ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ"٣ عَنْ هِشَامٍ بِهِ، وَزَادَ: وَحَنِّطُونِي، وَلَا تَتْبَعُونِي بِنَارٍ، انْتَهَى. وَهَذَا سَنَدٌ صَحِيحٌ.


١ البخاري في "باب إذا لم يجد كفناً إلا ما يوارى رأسه" ص ١٧٠، ومسلم: ص ٣٠٥، والنسائي في "باب القميص في الكفن" ص ٢٦٩، وأبو داود في "باب كراهية المغالات في الكفن" ص ٩٣، والترمذي في "مناقب مصعب" ص ٢٢٥ ج ٢.
٢ الحاكم في "المستدرك" ص ٣٥٥، ولفظه: إذا أجمرتم الميت فأوتروا، ورواه مسلم في "الطهارة" ص ١٢٤ عن أبي الزبير عن جابر بلفظ: إذا استجمر أحدكم، فليوتر، اهـ ورواه البيهقي: ص ٤٠٣ ج ٣.
٣ مالك في "الموطأ في باب النهي أن يتبع الجنازة بنار" ص ٧٨، ومن طريق مالك، البيهقي ٤٠٥ ج ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>