للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَقَضَ الْأُولَى، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ، انْتَهَى. وَأَعَلَّهُ الشَّيْخُ تَقِي الدِّينِ فِي "الْإِمَامِ" بِابْنِ لَهِيعَةَ فَقَطْ، وَقَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": ابْنُ لَهِيعَةَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ إذَا انْفَرَدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، هُوَ: ابْنُ أَبِي زِيَادٍ الْفِلَسْطِينِيُّ، صَاحِبُ حَدِيثِ: الصُّوَرِ، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، لَكِنْ أَبُو حَاتِمٍ قَالَ: هُوَ مَجْهُولٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بن عوف، هو: القارئ، رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ. وَغَيْرُهُ، وَكَانَ زَمَنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى دِيوَانِ فِلَسْطِينَ، انْتَهَى. وَاسْتَدَلَّ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ" عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فِي الْفَائِتَةِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، يَوْمَ الْخَنْدَقِ، جَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، فَقَالَ عليه السلام: "فو الله إنْ صَلَّيْتُهَا، فَنَزَلْنَا إلَى بَطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَوَضَّأْنَا، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَصَلَّيْنَا بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ،" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ١ وَمُسْلِمٌ، وَبِحَدِيثِ صَلَاتِهِ عليه السلام يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ، وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الْآتِي، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فِيهِمَا، بَلْ هُمَا ظَاهِرَانِ فِي امْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام شُغِلَ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَقَضَاهُنَّ مُرَتِّبًا، ثُمَّ قَالَ: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَمِنْ حَدِيثِ الْخُدْرِيِّ، وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.

أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ٢. وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قال: قال عبد بْنُ مَسْعُودٍ: إنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، حَتَّى ذَهَبَ مِنْ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأَمَرَ بِلَالًا، فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ لَيْسَ بِإِسْنَادِهِ بَأْسٌ، إلَّا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ٣، انْتَهَى. وَوَهِمَ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ، مُقَلِّدًا لِغَيْرِهِ، فينقل كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ، إلَّا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يُدْرِكْ أَبَاهُ، وَالتِّرْمِذِيُّ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ كِتَابِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، ذَكَرَهُ فِي خَمْسِ مَوَاضِعَ مِنْ "كِتَابِهِ: أَوَّلِهَا: فِي "الطَّهَارَةِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ". وَثَانِيهَا: فِي "الصَّلَاةِ فِي بَابِ الرَّجُلِ تَفُوتُهُ الصَّلَوَاتُ، بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ؟ "، ثُمَّ فِي "بَابِ مَا جَاءَ فِي مِقْدَارِ الْقُعُودِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ"، ثُمَّ فِي "الزَّكَاةِ


١ في "المواقيت في باب قضاء الصلوات الأولى فالأوْلى" ص ٨٤، ومسلم في "باب الدليل لمن قال: صلاة الوسطى، هي صلاة العصر" ص ٢٢٧ ج ١.
٢ في "المواقيت في باب الرجل تفوته الصلاة، بأيتهن يبدأ" ص ٢٥، وكذا النسائي في "آخر المواقيت" ص ١٠٢، وفي "الأذان" ص ١٠٧، وص ١٠٨، والطيالسي: ص ٤٤.
٣ لكن الحاكم قال في "المستدرك" ص ١١١ ج ٢: قد اختلف مشائخنا في سماع أبي عبيدة من أبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>