للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّوَافِلِ الْمَنْزِلُ، هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ١. وَمُسْلِمٌ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: احْتَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ حُجْرَةً مِنْ حَصِيرٍ فِي رَمَضَانَ، فَصَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَالِيَ، حَتَّى اجْتَمَعَ إلَيْهِ أُنَاسٌ، وَجَاءُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، ثُمَّ جَاءُوا لَيْلَةً، فَحَضَرُوا، وَأَبْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ، وَحَصَبُوا الْبَابَ، فَخَرَجَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمْ: "مَا زَالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ"؟! وَفِي آخِرِهِ: "فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ، إلَّا الْمَكْتُوبَةَ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَالنَّسَائِيُّ. وَالتِّرْمِذِيُّ، مُخْتَصَرًا، فلفظ أبو دَاوُد: "صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا، إلَّا الْمَكْتُوبَةَ"، انْتَهَى. وَلَفْظُ الْآخَرِينَ: "أَفْضَلُ صَلَاتِكُمْ، فِي بُيُوتِكُمْ، إلَّا الْمَكْتُوبَةَ"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ فِي "الْعِلْمِ الْمَشْهُورِ": وَقَدْ اسْتَدَلَّ مَنْ يَرَى صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ فِي الْبُيُوتِ، وَأَنَّهَا لَا تُقَامُ جَمَاعَةً بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَأَخَذَ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ عُمَرَ، أَنَّهُ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَبِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ، قَالَ: فَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ حِبَّانَ رواه في "صحيحه" صَحَّحَ فِيهِ مِنْ سَقِيمٍ، وَمَرَّضَ مِنْ صَحِيحٍ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ هَذَا أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ٢ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْهُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَيُنْظَرُ الصَّحِيحَانِ.

فَائِدَةٌ: قَدْ يُعَارَضُ هَذَا الْحَدِيثُ٣ بِحَدِيثِ: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدِي هَذَا"، يَدُلُّ عَلَى لَفْظِ أَبِي دَاوُد الْمُتَقَدِّمِ: "صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا"، وَنَظِيرُ هَذَا، حَدِيثُ: "عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً"، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ٤. وَمُسْلِمٌ فِي "الْحَجِّ" عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، مَعَ حَدِيثِ: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إلَى اللَّهِ، مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، قَالُوا: يَا رَسُولُ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ"، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ


١ في "الصلاة في باب صلاة الليل" ص ١٠١، وفي "الأدب في باب ما يجوز من الغضب والتشديد لأمر الله" ص ٩٠٣، كأنه أخذ منه، ومسلم في "باب الحث على صلاة الليل، وإن قلت" ص ٢٦٦، والنسائي في "أوائل قيام الليل" ص ٢٣٧، وأبو داود في "باب فضل التطوع في البيت" ص ٢١١، والترمذي قبل "الوتر في باب فضل التطوع في البيت" ص ٥٩، والطحاوي: ص ٢٠٦.
٢ أخرجه أبو داود في "باب قيام شهر رمضان" ص ٢٠٢، والترمذي في "الصوم في باب قيام شهر رمضان" ص ٩٩، والنسائي في "التهجد باب قيام شهر رمضان" ص ٢٣٨، وابن ماجه في "الصلاة باب قيام شهر رمضان" ص ٩٥، والطحاوي: ص ٢٠٦.
٣ قلت: لم تتحرر لي هذه العبارة، قال العيني في "البناية" ص ٨٨٢: فان قلت: يعارض هذا قوله عليه السلام: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام" قلت: يحمل هنا على الفرض، أي صلاة مفروضة في مسجدي هذا، يدل عليه لفظ أبي داود: "صلاة المرء"، الحديث، اهـ.
٤ في "باب عمرة في رمضان" ص ٢٣٩، وكذا في مسلم: ص ٤٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>