وأما الانقطاع، فيما قال المخرج من قول أحمد، وبما قال ابن القيم في "الهدى" ص ١١ ج ٢، قال: قلت: وله علة أخرى، وهي انقطاعه بين عراك. وعائشة، فإنه لم يسمع منها، اهـ. فإن قيل: روى الدارقطني في "سننه" ص ٢٢، والبيهقي في "السنن الكبرى" ص ٩٢ ج ١، وأحمد في "مسنده" ص ١٨٤ ج ٦ عن طريق علي بن عاصم عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت عن عراك، قال: حدثتني عائشة، الحديث. وفي "التهذيب" ص ٩٧ ج ٣، قال البخاري في "التاريخ": قال موسى: حدثنا حماد، وهو ابن سلمة، عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت، قال: كنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال عراك بن مالك: سمعت عائشة، قالت: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حوّلي مقعدتي إلى القبلة"، اهـ. قلت: هذا سماع لم يعتد به أحمد، وقد أخرج حديث علي بن عاصم هو في "مسنده" كما ذكرته، قال ابن حجر في "التهذيب": قال إبراهيم بن الحارث: أنكر أحمد قول من قال: عن عراك، سمعت عائشة، وقال عراك: من أين سمع من عائشة؟ وقال أبو طالب، عن أحمد: إنما هو عراك عن عروة عن عائشة، ولم يسمع عراك منها، وقال أبو حاتم: الصواب عراك عن عروة عن عائشة قولها، وإن من قال: عراك سمعت عائشة مرفوعاً، وهم فيه سنداً ومتناً، اهـ. قلت: علي بن عاصم تكلم فيه غير واحد، وأغلظ القول فيه خالد، فقال: كذاب، فاحذروه، وكذا قال يحيى بن معين، وقال شعبة: لا تكتبوا حديثه، وقال البخاري: ليس بالقوي عندهم، وقال مرة: يتكلمون فيه، وقال الدارقطني: كان يغلط، ويثبت على غلطه، وحديث حماد بن سلمة رواه غير واحد: منهم أبو داود الطيالسي في "مسنده" ص ٢١٦. وابن ماجه، عن وكيع: ص ٢٨، والطحاوي: ص ٣٣٦ ج ٢ عن أسد، وأحمد في "مسنده" ص ٢١٩ ج ٦، عن بهز، وص ٢٢٧ ج ٦ عن أبي كامل، وص ٢٣٩ ج ٦ عن يزيد، كلهم عن حماد بن سلمة، ولم يقل أحد منهم: سمعت، قال الحافظ: قال أحمد بن حنبل، فيما روى ابن أبي حاتم في "المراسيل" عن الأثرم، وذكر صاحب خالد بن أبي الصلت عن عراك: سمعت عائشة مرفوعاً: "حولوا مقعدتي إلى القبلة"، فقال: مرسل عراك بن مالك، من أين سمع عن عائشة؟ إنما يروى عن عروة، هذا خطأ، ثم قال: من يروى هذا؟ قلت: حماد بن سلمة عن خالد الحذاء، فقال: قال غير واحد: عن خالد الحذاء، وليس فيه: سمعت، وقال غير واحد، عن حماد بن سلمة، ليس فيه: سمعت، وقال موسى بن هارون: لا نعلم لعراك سماعاً من عائشة، اهـ. أما النسخ، فقال ابن حزم في "المحلى" ص ١٩٧ ج ١: ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة، لأن نصه يبين، إنما كان قبل النهي، لأن من الباطل المحال أن يكون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهاهم عن استقبال القبلة بالبول والغائط، ثم ينكر عليهم طاعته في ذلك، وهذا ما لا يظنه مسلم، ولا ذو عقل، وفي هذا الخبر إنكار ذلك عليهم، فلو صح، لكان منسوخاً بلا شك، ثم لو صح لما كان فيه إلا إباحة الاستقبال فقط، لا إباحة الاستدبار أصلاً، فبطل تعلقهم بحديث عائشة، اهـ.