للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالرِّوَايَاتُ الثَّابِتَةُ الْمُفَسَّرَةُ عَنْ عُثْمَانَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّكْرَارَ وَقَعَ فِيمَا عَدَا الرَّأْسِ مِنْ الأعضاء، فإنه١ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ غَرِيبَةٍ عَنْ عُثْمَانَ ذِكْرُ التَّكْرَارِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ، إلَّا أَنَّهَا - مَعَ خلاف الحفاظ الثقات - ليست بِحُجَّةٍ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَحْتَجُّ بِهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ٢ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ أَبِي حَيَّةَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ٣، قَالَ أَصْحَابُنَا: لَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ حُجَّةٌ عَلَى التَّثْلِيثِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: تَوَضَّأَ يَعُودُ إلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الْوَضَاءَةُ، وَهِيَ الْغَسْلُ بِدَلِيلِ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ رَوَى حَدِيثَ عَلِيٍّ هَذَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ أَبِي حَيَّةَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَذِرَاعَيْهِ ثلاثاُ ومسح برأسه مَرَّةً، ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ كَانَ طُهُورُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا أَبْهَمَهُ الرَّاوِي الْأَوَّلُ فَسَّرَهُ الرَّاوِي الثَّانِي، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّثْلِيثَ فِي الْوُضُوءِ إنَّمَا يَرْجِعُ لِلْمَغْسُولِ دُونَ الْمَمْسُوحِ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَيْضًا حَدِيثُ عُثْمَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: وَمَسَحَ رَأْسَهُ فَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا، ثُمَّ قَالَ: وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا، وَأَجَابَ الْخَصْمُ: بِأَنَّ الْوُضُوءَ إذَا أُطْلِقَ عَمَّ الْغَسْلَ وَالْمَسْحَ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ" قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَى الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ مِنْ حَدِيثِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي طُهُورِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَشَأْنِهِ كُلِّهِ انْتَهَى. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ٤ وَمُسْلِمٌ. وَالنَّسَائِيُّ. وَابْنُ مَاجَهْ فِي الطَّهَارَةِ وَأَبُو دَاوُد فِي اللِّبَاسِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ.

وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ٥ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا تَوَضَّأْتُمْ فابدؤوا بِمَيَامِنِكُمْ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. وَابْنُ حِبَّانَ فِي صحيحهما قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَهُوَ جَدِيرٌ بِأَنْ يُصَحَّحَ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ٦، وَلَفْظُهُ إذَا لَبِسْتُمْ أو توضأتم فابدؤوا بِأَيَامِنِكُمْ.


١ في نسخة: وأنه.
٢ في باب ما جاء في الوضوء ثلاثاً ثلاثاً ص ٥٢ - ج ١، والنسائي في باب الانتفاع بفضل الوضوء ص ٣٣ من طريق شعبة. والطحاوي: ص ١٧، من طريق اسرائيل. وأحمد: ص ١٢٥ - ج ١ من طريق سفيان.
٣ قلت: لم يصرح بالتصحيح، بل قال: هذا أحسن شيء في الباب وأصح، وهذا ليس بتصحيح، والله أعلم.
٤ البخاري في التيمن في الوضوء ص ٢٩، وغيره في خمسة مواضع، ومسلم في باب النهي عن الاستنجاء باليمين ص ١٢٣، والنسائي في باب التيمن في الطهور ص ٧٢، وابن ماجه في باب التيمن في الطهور ص ٢٣، والترمذي في باب ما يستحب من التيمن في الطهور ص ٧٨ - ج ١، وفي شيء منها لم أجد لفظ المخرج، والله أعلم.
٥ ص ٢٣.
٦ ورواه أحمد: ص ٣٥٤ - ج ٢، ولفظه: وإذا لبستم وإذا توضأتم فابدؤوا بأيامنكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>