للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ١ وَمُسْلِمٌ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ، يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ، وَهُوَ إلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ، حَتَّى نَزَلَتْ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:٢٣٨] ، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ، انْتَهَى.

وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا أَخْرَجَاهُ عَنْهُ٢، قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْك، فَتَرُدُّ عَلَيْنَا، فَقَالَ: "إنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا"، انْتَهَى. أَخْرَجَاهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْهُ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد٣ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ، وَنَأْمُرُ بِحَاجَتِنَا، فَقَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَأَخَذَنِي مَا قَدُمَ وَمَا حَدَثَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ، قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّك كُنْتَ تَرُدُّ عَلَيْنَا، قَالَ: "إنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَأَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ"، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، وَتَدَاوَلَهُ الْفُقَهَاءُ، إلَّا أَنَّ صَاحِبَيْ الصَّحِيحِ يَتَوَقَّيَانِ رِوَايَةَ عَاصِمٍ، لِسُوءِ حِفْظِهِ، فَأَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ بِبَعْضِ مَعْنَاهُ، انْتَهَى. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَذُو الْيَدَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدْ قَالَ الزُّهْرِيُّ٤: إنَّ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ كَانَتْ قَبْلَ بَدْرٍ، وَإِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ عَامَ خَيْبَرَ بَعْدَ بَدْرٍ بِخَمْسِ سِنِينَ، وَلَا يَمْتَنِعُ كَوْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ، وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ عَنْ بَدْرٍ، لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ قَدْ يروى مالا يَحْضُرُهُ٥ بِأَنْ يَسْمَعَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مِنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ، وَأَجَابَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" بِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ شَهِدَ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ، وَحَضَرَهَا، كَمَا وَرَدَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْهُ، قَالَ:


١ في "باب ما ينهى من الكلام في الصلاة" ص ١٦٠، ومسلم في "باب تحريم الكلام في الصلاة" ص ٢٠٤.
٢البخاري: ص ١٦٠، ومسلم: ص ٢٠٤، وأبو داود في "باب رد السلام في الصلاة" ص ١٤٠.
٣ في "باب رد السلام في الصلاة" ص ١٤٠، والنسائي في "باب الكلام في الصلاة" ص ١٨١، والطحاوي ص ٢٦١.
٤ قال البيهقي: ص ٣٤١ ج ٢، قال الزهري: كان ذلك قبل بدر، ثم استحكمت الأمور.
٥ روى ابن سعد في "طبقاته" ص ١٣ ج ٧، في النصف الأول منه عن الحسن بن موسى الأشيب، قال: حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن أنس بن مالك أنه حدث بحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له رجل: أنت سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فغضب غضباً شديداً، وقال: لا، والله ما كل ما نحدثكم سمعنا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنا لا يتهم بعضنا بعضاً، اهـ. قال الجصاص في "أحكام القرآن" ص ٥٢٧ ج ١: قال البراء: ما كل ما نحدثكم عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمعناه، ولكنا سمعنا وحدثنا أصحابنا، اهـ. وقد تقدم أن جميع مسموعات ابن عباس سبعة عشر حديثاً، اهـ، وقال ابن حزم في "الفصل" ص ١٣٧ ج ٤: إنه روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أزيد من ألف وخمسمائة حديث، اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>