للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَقَادَ مِنْ الْجَارِحِ حَتَّى يَبْرَأَ الْمَجْرُوحُ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُمَوِيُّ رَوَى لَهُ ابْنُ مَاجَهْ حَدِيثًا وَاحِدًا، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ: يُخَالِفُ فِي رِوَايَتِهِ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ، وَلَا نَعْلَمُ رَوَى عَنْهُ غَيْر ابْنِ كَاسِبٍ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ بُدَيْلُ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَى طَرِيفِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ قَاضِيًا بِالشَّامِّ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطِّلِ ضَرَبَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ بِالسَّيْفِ، فَجَاءَتْ الْأَنْصَارُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: الْقَوَدُ، فَقَالَ: "يَنْتَظِرُ، فَإِنْ بَرَأَ صَاحِبُكُمْ، فَاقْتَصُّوا، وَإِنْ يَمُتْ نُقِدْكُمْ"، فَعُوفِيَ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ هَوَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَفْوِ، قَالَ: فَعَفَوْا عَنْهُ، فَأَعْطَاهُ صَفْوَانُ جَارِيَةً، فَهِيَ أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ، انْتَهَى. وَقَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِهِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ١: وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْتَظِرُ بِالْجُرْحِ إلَى أَنْ يَبْرَأَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حنيقة، وَمَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَأَخَذُوا فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ جَابِرٍ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصَّ، وَلَا يَنْتَظِرَ، مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّهُ عليه السلام أَقَادَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَظِرَ، قَالَ الْحَازِمِيُّ: وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، ثُمَّ سَاقَهُ بِسَنَدِ أَحْمَدَ وَمَتْنِهِ، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، فَإِنْ صَحَّ سَمَاعُ ابْنِ جُرَيْجٍ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، فَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ يَقْوَى الِاحْتِجَاجُ بِهِ لِمَنْ يَدَّعِي النَّسْخَ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الْعِشْرُونَ: قَالَ عليه السلام: "لَا يَعْقِلُ الْعَوَاقِلُ، عَمْدًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا صُلْحًا، وَلَا اعْتِرَافًا"، قُلْت: غَرِيبٌ مَرْفُوعًا، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ٢ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُمَرَ، قَالَ: الْعَمْدُ، وَالْعَبْدُ، وَالصُّلْحُ، وَالِاعْتِرَافُ لَا تَعْقِلُهُ الْعَاقِلَةُ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ، عَمْدًا، ولاعبداً، وَلَا صُلْحًا، وَلَا اعْتِرَافًا، انتهى. ورواه أبو الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ فِي آخِرِ كِتَابِهِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ كَذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ الْعَبْدِ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: مَعْنَاهُ أَنْ يَقْتُلَ الْعَبْدُ حُرًّا، فَلَيْسَ عَلَى عَاقِلَةِ مَوْلَاهُ شَيْءٌ مِنْ جِنَايَتِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي رَقَبَتِهِ، وَاحْتَجَّ كَذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ، عَمْدًا، وَلَا صُلْحًا، وَلَا اعْتِرَافًا، وَلَا مَا جَنَى الْمَمْلُوكُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ جَعَلَ الْجِنَايَةَ للمملوك، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: إنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ يُجْنَى عَلَيْهِ،


١ ذكره في كتاب الاعتبار ص ١٩٤، وص ١٩٥.
٢ عند البيهقي في السنن ص ١٠٤ ج ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>