للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: قَالَتْ الْأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إخْوَانِنَا النَّخْلَ، قَالَ: "لَا"، قَالَ، فَتَكْفُونَنَا الْمُؤْنَةَ، وَنُشْرِكُكُمْ فِي الثَّمَرَةِ، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ.

فَحَدِيثُ جَابِرٍ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ١ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُخَابَرَةِ، وَالْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، قَالَ عَطَاءٌ: فَسَّرَهَا لَنَا جَابِرٌ، قَالَ: أَمَّا الْمُخَابَرَةُ: فَالْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ يَدْفَعُهَا الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ، فَيُنْفِقَ فِيهَا، ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ الثَّمَرِ، وَالْمُحَاقَلَةُ: بَيْعُ الزَّرْعِ الْقَائِمِ بِالْحَبِّ، كَيْلًا، وَالْمُزَابَنَةُ: بَيْعُ الرُّطَبِ فِي النَّخْلِ بِالتَّمْرِ، كَيْلًا، مُخْتَصَرٌ.

وَحَدِيثُ رَافِعٍ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا٢ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا نُخَابِرُ، وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، حَتَّى زَعَمَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ، فَتَرَكْنَاهُ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ إنَّمَا نَهَى عَنْهُ لِأَجْلِ خُصُومَاتٍ وَقَعَتْ بَيْنَهُمْ، بِدَلِيلِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ٣ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُكْرِي مَزَارِعَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَصَدْرًا مِنْ إمَارَةِ مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ حَدَّثَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ، فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ إلَى رَافِعٍ، فَذَهَبْت مَعَهُ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: نَهَى عليه السلام عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَدْ عَلِمْت أَنَّا كُنَّا نُكْرِي مَزَارِعَنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا عَلَى الْأَرْبِعَاءِ، وَبِشَيْءٍ مِنْ التِّبْنِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَا أَيْضًا عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ سَمِعَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، قَالَ: كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُزْدَرَعًا، كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ بِالنَّاحِيَةِ مِنْهَا مُسَمًّى لِسَيِّدِ الْأَرْضِ، فَرُبَّمَا يُصَابُ ذَلِكَ، وَتَسْلَمُ الْأَرْضُ، وَرُبَّمَا يَسْلَمُ ذَلِكَ، وَتُصَابُ الْأَرْضُ، فَنُهِينَا، وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ٤ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ


١ عند مسلم في البيوع باب النهي عن المحاقلة والمزابنة ص ١١ ج ٢.
٢ عند مسلم في البيوع باب كراء الأرض ص ١٢ ج ٢.
٣ عند مسلم باب كراء الأرض ص ١٣ ج ٢، وعند البخاري في الحرث، والمزارعة باب ما كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يواسي بعضهم بعضاً في الزراعة والثمر ص ٣١٥ ج ١، واللفظ للبخاري.
٤ عند أبي داود في البيوع باب في المزارعة ص ١٢٥ ج ٢، وعند ابن ماجه في الأحكام باب ما يكره من المزارعة ص ١٧٩، وعند النسائي في المزارعة ص ١٥٦ ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>