للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقْضَى عَنْهُ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَلِبَنِيهِ، فَقُلْت: أَبَلَغَك هَذَا عَنْ أَحَدٍ؟ قَالَ: زَعَمُوا أَنَّ عَلَيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَقْضِي بِهِ، وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يُقْضَى عَنْهُ مَا عَلَيْهِ، ثُمَّ لِبَنِيهِ مَا بَقِيَ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: مَا أَرَاهُ لِبَنِيهِ، وَإِنَّمَا لِسَيِّدِهِ١ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِقَوْلِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ نَقُولُ، وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عُمَرَ، انْتَهَى. وَرَوَى ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِ مِصْرَ حَدَّثَنَا إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ ثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ ثنا أبو الأحوص أَبِي إسْحَاقَ عَنْ قَابُوسَ بْنِ الْمُخَارِقِ، قَالَ: كُنْت عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ عَلَى مِصْرَ، لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَكَتَبَ مُحَمَّدٌ إلَى عَلِيٍّ فِي مُكَاتَبٍ مَاتَ، وَتَرَكَ مَالًا، فَكَتَبَ إلَيْهِ عَلِيٌّ: خُذْ مِنْهُ بَقِيَّةَ مُكَاتَبَتِهِ، فَادْفَعْهَا إلَى مَوَالِيهِ، وَمَا بَقِيَ فَلِعَصَبَتِهِ، انْتَهَى. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ فِي الْحُدُودِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ قَابُوسَ بْنِ مُخَارِقٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ كَتَبَ إلَى عَلِيٍّ يَسْأَلُهُ عَنْ مُسْلِمَيْنِ تَزَنْدَقَا، وَعَنْ مُسْلِمٍ زَنَى بِنَصْرَانِيَّةٍ، وَعَنْ مُكَاتَبٍ مَاتَ وَتَرَكَ بَقِيَّةً مِنْ كِتَابَتِهِ، وَأَوْلَادًا أَحْرَارًا، فَكَتَبَ إلَيْهِ علي: أما الذين تَزَنْدَقَا، فَإِنْ تَابَا، وَإِلَّا فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمَا، وَأَمَّا الْمُسْلِمُ، فَأَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَادْفَعْ النَّصْرَانِيَّةَ إلَى أَهْلِ دِينِهَا، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ، فَيُؤَدِّي بَقِيَّةَ كِتَابَتِهِ، وَمَا بَقِيَ فَلِوَلَدِهِ الْأَحْرَارِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام فِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ٢ قَالَتْ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ: عَتَقَتْ فَخُيِّرَتْ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"، وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبُرْمَةٌ عَلَى النَّارِ، فَقُرِّبَ إلَيْهِ خُبْزٌ، وَإِدَامٌ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ، فَقَالَ: "أَلَمْ أَرَ الْبُرْمَةَ"؟ فَقِيلَ: لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، قَالَ: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ"، انْتَهَى.


١ وقال صاحب الجوهر في تأييد إن ما بقي من مال المكاتب كان لولده: وقال الخطابي: هو قول عطاء، وطاوس، والحسن، وقال مالك: نحواً من ذلك، وفي المحلى لابن حزم، قال: وبه يقول معبد، والحسن البصري، وابن سيرين، والنخعي، والشعبي، وعمرو بن دينار، والثوري، وأبو حنيفة، والحسن بن حي، وإسحاق ابن راهويه، انتهى. وهو خلاف ما ذكره البيهقي عن عمرو بن دينار، انتهى.
٢ عند البخاري في مواضع، وهذا اللفظ في النكاح باب في الحرة تحت العبد ص ٧٦٣ ج ٢، وعند مسلم في العتق باب أن الولاء لمن أعتق ص ٤٩٤ ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>