رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَتَيْتُك بِشَرَابٍ جَيِّدٍ، فَقَالَ عليه السلام: " يَا كَيْسَانُ إنَّهَا قَدْ حُرِّمَتْ بَعْدَك"، قَالَ: أَفَأَبِيعُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "إنَّهَا حُرِّمَتْ، وَحُرِّمَ ثَمَنُهَا"، فَانْطَلَقَ كَيْسَانُ إلَى الزِّقَاقِ فَأَخَذَ بِأَرْجُلِهَا فَهَرَاقَهَا، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَهْدِي كُلَّ عَامٍ رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ جَاءَ بِهَا، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ، قَالَ: "أَشَعَرْتَ أَنَّهَا قَدْ حُرِّمَتْ بَعْدَك"؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أَبِيعُهَا، وَأَنْتَفِعُ بِثَمَنِهَا؟ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهَا".
حَدِيثٌ آخَرُ: حَدِيثُ: لَعَنَ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً، رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَنَسٌ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الْمُبَايَعَاتِ كَالْمُسْلِمِينَ، لِقَوْلِهِ عليه السلام فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ: "فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ"، قُلْت: لَمْ أَعْرِفْ الْحَدِيثَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى إلَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ، وَهُوَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ، وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ، وَهُوَ فِي كِتَابِ السِّيَرِ، وَلَيْسَ فِيهِمَا ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا، وَخُذُوا الْعُشْرَ مِنْ أَثْمَانِهَا، قُلْت: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنِّفِهِ فِي الْبُيُوعِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى الْجُعْفِيِّ عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ عُمَّالَهُ يَأْخُذُونَ الْجِزْيَةَ مِنْ الْخَمْرِ، فَنَاشَدَهُمْ ثَلَاثًا، فَقَالَ لَهُ بِلَالٌ: إنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ، قَالَ: فَلَا تَفْعَلُوا، وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا، فَإِنَّ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا، وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ كَذَلِكَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ، وَقَالَ فِيهِ: وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا، وَخُذُوا أَنْتُمْ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنَّ الْيَهُودَ، إلَى آخِرِهِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْخَمْرَ، وَالْخَنَازِيرَ فِي جِزْيَةِ رُءُوسِهِمْ، وَخَرَاجِ أَرْضِهِمْ بِقِيمَتِهَا، ثُمَّ يَتَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ بَيْعَهَا، فَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ بِلَالٌ، وَنَهَى عَنْهُ عُمَرُ، ثُمَّ رَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ مِنْ أَثْمَانِهَا إذَا كَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْمُتَوَلِّينَ لِبَيْعِهَا، لِأَنَّهَا مَالُهُمْ، وَلَيْسَتْ بِمَالٍ لِلْمُسْلِمِينَ، انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute