للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَجْلَى يَهُودَ خَيْبَرَ، وَأَجْلَى يَهُودَ نَجْرَانَ، وَفَدَكَ، انْتَهَى. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: كَانَ مِنْ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ: "قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ"، انْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي - أَوَاخِرِ الْكِتَابِ - وَأَسْنَدَ أَبُو دَاوُد ١ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مَا بَيْنَ الْوَادِي إلَى أَقْصَى الْيَمَنِ، إلَى تُخُومِ الْعِرَاقِ، إلَى الْبَحْرِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ": قَالَ مَالِكٌ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ الْمَدِينَةُ نَفْسُهَا، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا الْحِجَازُ، وَالْيَمَنُ، وَالْيَمَامَةُ، وَمَا لَمْ يَبْلُغْهُ مُلْكُ فَارِسَ، وَالرُّومِ، وَحَكَى الْبُخَارِيُّ عَنْ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: هِيَ مَكَّةُ، وَالْمَدِينَةُ: وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هِيَ مِنْ أَقْصَى عَدَنَ أَبْيَنَ إلَى رِيفِ الْعِرَاقِ فِي الطُّولِ، وَأَمَّا الْعَرْضُ، فَمِنْ جُدَّةَ، وَمَا وَالَاهَا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ إلَى أَطْرَافِ الشَّامِ، وَسُمِّيَتْ الْجَزِيرَةُ جَزِيرَةً لِانْحِسَارِ الْمَاءِ عَنْ مَوْضِعِهَا، وَالْجَزْرُ هُوَ الْقَطْعُ، لِأَنَّهَا جَزَرَتْ عَنْهَا الْمِيَاهُ الَّتِي حَوَالَيْهَا، كَبَحْرِ الْبَصْرَةِ، وَعُمَانَ، وَعَدَنَ، وَالْفُرَاتِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ حَوَالَيْهَا بَحْرُ الْحَبَشِ، وَبَحْرُ فَارِسَ، وَدِجْلَةُ، وَالْفُرَاتُ، وقال الزهري: سُمِّيَتْ جَزِيرَةً لِأَنَّ بَحْرَ فَارِسَ، وَبَحْرَ السَّوَادِ أَحَاطَ بِجَانِبَيْهَا - يَعْنِي الْجَنُوبِيَّ - وَأَحَاطَ بِالْجَانِبِ الشَّمَالِيِّ دِجْلَةُ، وَالْفُرَاتُ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الْجِزْيَةِ"، وَمُسْلِمٌ فِي "آخِرِ الْوَصَايَا" ٢ كِلَاهُمَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ، قَالَ: "ائْتُونِي أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدِي"، فَتَنَازَعُوا، وَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ أَهَجَرَ؟ اسْتَفْهِمُوهُ، فَقَالَ: "دَعُونِي أُوصِيكُمْ بِثَلَاثٍ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ"، قَالَ: وَسَكَتَ عَنْ الثَّالِثَةِ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: وَنَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ضِعْفُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الزَّكَاةِ، لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه صَالَحَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، قُلْت: تَقَدَّمَ فِي "آخِرِ بَابِ زَكَاةِ الْخَيْلِ".

قَوْلُهُ: قَالَ عُمَرُ: هَذِهِ جِزْيَةٌ، فَسَمُّوهَا مَا شِئْتُمْ، تَقَدَّمَ أَيْضًا فِيهِ.

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: قَالَ عليه السلام: "مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ" تَقَدَّمَ فِي "بَابِ مَنْ يَجُوزُ دَفْعُ الصَّدَقَةِ إلَيْهِ، وَمَنْ لَا يَجُوزُ".


١ عند أبي داود في "الخراج - باب في إخراج اليهود من جزيرة العرب" ص ٧٣ - ج ٢.
٢ عند البخاري في "الجزية" ص ٤٤٩ - ج ١، وفي "باب هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملهم" ص ٤٢٩ - ج ١، وعند مسلم في "الوصايا" ص ٤٢ - ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>