للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَثَرٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ ١ فِي فَضَائِلِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ" عَنْ أَبِي عَتَّابٍ سَهْلِ بْنِ حَمَّادٍ ثَنَا أَبُو كَعْبٍ - صَاحِبُ الْحَرِيرِ - عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ بَابِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ، أَبُو بَكْرَةَ، وَأَخُوهُ نَافِعٌ، وَشِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ، فَجَاءَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يَمْشِي فِي ظِلَالِ الْمَسْجِدِ، وَالْمَسْجِدُ يَوْمِئِذٍ مِنْ قَصَبٍ، وَالْمُغِيرَةُ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ، أَمَّرَهُ عَلَيْهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَانْتَهَى إلَى أَبِي بَكْرَةَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرَةَ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ ٢ لَيْسَ لَك ذَلِكَ، اجْلِسْ فِي بَيْتِك، وَابْعَثْ إلَيَّ مَنْ شِئْت، فَتَحَدَّثَ مَعَهُ، قَالَ: يَا أَبَا بَكْرَةَ وَلَا بَأْسَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمُغِيرَةُ مِنْ بَابِ الْأَصْغَرِ، حَتَّى تَقَدَّمَ إلَى بَابِ أُمِّ جَمِيلٍ، امْرَأَةٍ مِنْ قَيْسٍ فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: وَاَللَّهِ لَا صَبْرَ لِي عَلَى هَذَا، ثُمَّ بَعَثَ غُلَامًا لَهُ، وَقَالَ لَهُ: ارْقَ الْغَرْفَةَ، وَانْظُرْ مِنْ الْكُوَّةِ، فَذَهَبَ، فَنَظَرَ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ رَجَعَ، فَقَالَ: وَجَدْتهمَا فِي لِحَافٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ لِلْقَوْمِ: قُومُوا مَعِي، فَقَامُوا، فَبَدَأَ أَبُو بَكْرَةَ، فَنَظَرَ، ثُمَّ اسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ لِأَخِيهِ: اُنْظُرْ، فَنَظَرَ، قَالَ لَهُ: مَا رَأَيْت؟ قَالَ: الزِّنَا مُحْصَنًا، ثُمَّ قَالَ لِشِبْلٍ: اُنْظُرْ، فَنَظَرَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: يَا زِيَادُ، اُنْظُرْ، فَنَظَرَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: أُشْهِدُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِمَا رَأَى، فَبَعَثَ عُمَرُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ - أَمِيرًا عَلَى الْبَصْرَةِ - أَنْ يُرْسِلَ إلَيْهِ الْمُغِيرَةَ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرَةَ، وَشُهُودُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو مُوسَى أَرْسَلَ بِالْمُغِيرَةِ، وَأَبِي بَكْرَةَ، وَشُهُودِهِ، وَقَالَ لِلْمُغِيرَةِ: وَيْلٌ لَك إنْ كَانَ مَصْدُوقًا عَلَيْك، وَطُوبَى لَك إنْ كَانَ مَكْذُوبًا عَلَيْك، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ، قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ: هَاتِ مَا عِنْدَك، قَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْت الزِّنَا مُحْصَنًا، ثُمَّ تَقَدَّمَ أَخُوهُ نَافِعٌ، فَقَالَ: نَحْوَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ شِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ النجلي، فَقَالَ: نَحْوَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ زِيَادٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا رَأَيْت؟ قَالَ: رَأَيْتهمَا فِي لِحَافٍ، وَسَمِعْت نَفَسًا عَالِيًا، وَلَا أَدْرِي مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، فَكَبَّرَ عُمَرُ، وَفَرِحَ إذْ نَجَا الْمُغِيرَةُ، وَضَرَبَ الْقَوْمَ الْحَدَّ، إلَّا زِيَادًا، انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ.

طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "تَفْسِيرِهِ" أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: شَهِدَ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ بِالزِّنَا، وَنَكَلَ زِيَادٌ، فَحَدَّ عُمَرُ الثَّلَاثَةَ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ أَنْ يَتُوبُوا، فَتَابَ اثْنَانِ، فَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَأَبَى أَبُو بَكْرَةَ أَنْ يَتُوبَ، فَكَانَتْ شَهَادَتُهُ لَا تُقْبَلُ حَتَّى مَاتَ، وَعَادَ مِثْلَ النَّصْلِ مِنْ الْعِبَادَةِ، انْتَهَى.

طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" ٣ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ


١ عند الحاكم في "المستدرك - في المناقب" ص ٤٤٨ - ج ٣.
٢ وفي "المستدرك - بعد قوله: أيها الأمير! ما أخرجك من دار الامارة؟ قال: أتحدث إليكم، فقال له أبو بكرة، الخ، ولم أجد هذه العبارة في النسخة الخطية، ولا المطبوعة من التخريج، ولا يرتبط الكلام إلا بها.
٣ قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ص ٢٨٠ - ج ٦: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>