للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ أَشَارَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ: رِيقُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْ شَهْدٍ وَعَسَلٍ عِنْدَك يَا عُمَرُ، قَالَهُ حِينَ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، وَالصَّحَابَةُ حَاضِرُونَ مُتَوَافِرُونَ، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ طَلَّقَ أُمَّ عَاصِمٍ، ثُمَّ أَتَى عَلَيْهَا، وَفِي حِجْرِهَا عَاصِمٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهَا، فَتَجَاذَبَاهُ بَيْنَهُمَا حَتَّى بَكَى الْغُلَامُ، فَانْطَلَقَا إلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: يَا عُمَرُ مَسْحُهَا، وَحِجْرُهَا، وَرِيحُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْك، حَتَّى يَشِبَّ الصَّبِيُّ فَيَخْتَارَ لِنَفْسِهِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: طَلَّقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ امْرَأَتَهُ الْأَنْصَارِيَّةَ أُمَّ ابْنِهِ عَاصِمٍ، فَلَقِيَهَا تَحْمِلُهُ بِمُحَسِّرٍ، وَقَدْ فُطِمَ، وَمَشَى، فَأَخَذَ بِيَدِهِ لِيَنْتَزِعَهُ مِنْهَا، وَنَازَعَهَا إيَّاهُ، حَتَّى أَوْجَعَ الْغُلَامَ، وَبَكَى، وَقَالَ: أَنَا أَحَقُّ بِابْنِي مِنْكِ، فَاخْتَصَمَا إلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَضَى لَهَا بِهِ، وَقَالَ: رِيحُهَا وَحِجْرُهَا وَفِرَاشُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْكَ، حَتَّى يَشِبَّ، وَيَخْتَارَ لِنَفْسِهِ، انْتَهَى. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: خَاصَمَتْ امْرَأَةُ عُمَرَ عُمَرَ إلَى أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ طَلَّقَهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هِيَ أَعْطَفُ، وَأَلْطَفُ، وَأَرْحَمُ، وَأَحْنَى، وَأَرْأَفُ، وَهِيَ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ ١ - فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ" أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمًا، ثُمَّ فَارَقَهَا عُمَرُ، فركب يوماً إلى قبا، فَوَجَدَ ابْنَهُ يَلْعَبُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَخَذَهُ بِعَضُدِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الدَّابَّةِ، فَأَدْرَكَتْهُ جَدَّةُ الْغُلَامِ فَنَازَعَتْهُ إيَّاهُ، فَأَقْبَلَا حَتَّى أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ عُمَرُ: ابْنِي، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: ابْنِي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، فَمَا رَاجَعَهُ عُمَرُ الْكَلَامَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهِ، سَوَاءٌ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَزَادَ: ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا تُولَهُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا ابْنُ إدْرِيسَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ طَلَّقَ جَمِيلَةَ ٢ بِنْتَ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَفْلَحِ،


١ عند مالك في "القضاء - باب من أحق بالولد" ص ٣٢١.
٢ جميلة بنت ثابت بن أبي الأفلح زوج عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تكنى أم عاصم، بابنها عاصم بن عمر بن الخطاب، وهي التي أتى فيها الحديث في "الموطأ" وغيره: أن عمر ركب إلى قباء فوجد ابنه عاصماً يلعب مع الصبيان، فجعله بين يديه، فأدركته جدته الشموس بنت أبي عامر، فنازعته إياه، الحديث، انتهى. كذا ذكر ابن عبد البر في "الاستيعاب" والحافظ ابن حجر في "الاصابة" ص ٢٦٢ - ج ٤، وقال ابن سعد في "الطبقات" ص ٢٥١ - ج ٨: الشموس بنت أبي عامر الراهب تزوج الشموس ثابت بن أبي الأفلح، فولدت له عاصم بن ثابت، شهد بدراً، وقتل يوم الرجيع شهيداً، وحمته الدبر، وجميلة بنت ثابت مبايعة، تزوجها عمر بن الخطاب، فولدت له عاصم بن عمر، أسلمت الشموس بنت أبي عامر، وبايعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>