للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَدِيثُ السَّادِسُ: رُوِيَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ أَصَابَ حِمَارَ وَحْشٍ وَهُوَ حَلَالٌ، وَأَصْحَابُهُ مُحْرِمُونَ، فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام لِأَصْحَابِهِ: "هَلْ أَشَرْتُمْ، هَلْ دَلَلْتُمْ، هَلْ أَعَنْتُمْ"؟؟؟ فَقَالُوا: لَا، قَالَ: "إذًا فَكُلُوا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ١ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي مَسِيرٍ لَهُمْ بَعْضُهُمْ مُحْرِمٌ، وَبَعْضُهُمْ لَيْسَ بِمُحْرِمٍ، قَالَ: فَرَأَيْت حِمَارَ وَحْشٍ، فَرَكِبْت فَرَسِي، وَأَخَذْت الرُّمْحَ فَاسْتَعَنْتهمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي، فَاخْتَلَسْت سَوْطًا مِنْ بَعْضِهِمْ، وَشَدَدْت عَلَى الْحِمَارِ، فَأَصَبْته، فَأَكَلُوا منه، فأشفقوا، قال: فسأل عَنْ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "أَمِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ، وَالنَّسَائِيُّ: هَلْ أَشَرْتُمْ، هَلْ أَعَنْتُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَكُلُوا، وَتُنْظَرُ بَقِيَّةُ الْأَرْبَعَةِ.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ - يَعْنِي الْقَمِيصَ، وَالسَّرَاوِيلَ، وَالْعِمَامَةَ، وَالْقَلَنْسُوَةَ، وَالْخُفَّيْنِ - إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ، فَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ" ٢ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنْ الثِّيَابِ فِي الْإِحْرَامِ، قَالَ: "لَا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْأَخْفَافَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ نَعْلَانِ، فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، وَلَا وَرْسٌ"، انْتَهَى. زَادُوا - إلَّا مُسْلِمًا، وَابْنَ مَاجَهْ -: " وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ، وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ"، قَالَ فِي "الْإِمَامِ": قَالَ الْحَاكِمُ النَّيْسَابُورِيُّ: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ: - وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ - مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَأُدْرِجَ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ، فَإِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي رَفْعِهِ، وَوَقْفِهِ، فَإِنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ مَوْقُوفًا، وَهَذَا غَيْرُ قَادِحٍ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُفْتِيَ الرَّاوِي بِمَا يَرْوِيه، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُنَا قَرِينَةٌ مُخَالِفَةٌ لِذَلِكَ


١ عند مسلم: ص ٣٨٠ - ج ١، وعند البخاري: ص ٢٤٥ - ج ١، وأبو داود: ص ٢٥٦ - ج ١، والنسائي ص ٢٥ - ج ٢، واللفظ له، والترمذي في "باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم" ص ١١٦ - ج ١، وابن ماجه في "باب الرخصة في ذلك إذا لم يصد له" ص ٢٣٠ - ج ١
تنبيه: قال الأثرم كنت أسمع أصحاب الحديث يتعجبون من هذا الحديث، ويقولون: كيف جاز لأبي قتادة مجاوزة الميقات بلا إحرام، ولا يدرون ما وجهه حتى رأيته مفسراً في حديث عياض عن أبي سعيد، قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأحرمنا، فلما كان مكان كذا وكذا إذا نحن بأبي قتادة - كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثه في شيء قد سماه - فذكر حديث الحمار الوحشي، كذا في "التلخيص الحبير" ص ٢٢٥ - ج ١.
٢ عند البخاري: ص ٢٤٨ - ج ١ في "باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة" الخ، ومسلم: ص ٣٧٢، والنسائي في "باب النهي عن لبس البرانس في الاحرام" ص ٨ - ج ٢، وأبو داود في "باب ما يلبس المحرم" ص ٢٥٣، والترمذي في "باب ما جاء فيما لا يجوز للمحرم لبسه" ص ١١٥ - ج ١، وابن ماجه في "باب ما يلبس المحرم من الثياب" ص ٢١٦ - ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>