ففتشته فوجدت فيه شيئا من الفضة مقدار أربعة دراهم وكان ليلا وبات لم يأكل شيئا، فلما رجع قلت له: في كتفك كذا وكذا درهما ونحن جياع، فقال: أخذته؟ رده، ثم قال لي بعد ذلك: خذه واشتر به شيئا، فقلت له: بحق معبودك ما أمر هذه القطع؟ فقال: لم يرزقني الله من الدنيا شيئا غيرها فأردت أن أوصي أن تدفن معي، فإذا كان يوم القيامة رددتها إلى الله وأقول هذا الذي أعطيتني من الدنيا.
أخبرنا ابن حبيب نا ابن أبي صادق نا ابم باكويه ثنا عبد الواحد بن بكر قال سمعت أبا بكر الجوال سمعت أبا عبد الله الحصري يقول: مكث أبو جعفر الحداد عشرين سنة يعمل كل يوم بدينار وينفقه على الفقراء ويصوم ويخرج بين العشائين فيتصدق من الأبواب ما يفطر عليه.
قال المصنف ﵀: قلت، لو علم هذا الرجل أن المسألة لا تجوز لمن يقدر على الاكتساب لم يفعل، ولو قدرنا جوازها، فاين أنفة النفس من ذل الطلب؟.
أخبرنا هبة الله بن محمد نا الحسن بن علي التميمي نا أحمد بن جعفر ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثني أبي ثنا إسماعيل ثنا معمر عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله ﷿ وما على وجهه مزعة لحم».
قال أحمد: وحدثنا حفص بن غياث عن هشام عن أبيه عن الزبير بن العوام قال: قال رسول الله ﷺ: «لأن يأخذ الرجل حبلا فيحتطب ثم يجيء فيضعه في السوق فيبيعه ثم يستغني به فنفقه على نفسه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه».
قلت: انفرد به البخاري واتفقا على الذي قبله.
وفي حديث عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ أنه قال:«لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوى».
- والمرة - القوة، وأصلها من شدة فتل الحبل.
يقال أمررت الحبل إذا أحكمت فتله.
فمعنى المرة في الحديث شدة أمر الخلق وصحة البدن التي يكون معها احتمال الكل والتعب.
قال الشافعي ﵁: لا تحل الصدقة لمن يجد قوة يقدر بها على الكسب.