للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأحزن ولده، فقال: علي عاصما، فلما حضر بش في وجهه وقال: أترى الله أحل لك الدنيا وهو يكره أخذك منها، أنت والله أهون على الله من ذلك.

فوالله لابتذالك نعم الله بالفعال! أحب إليه من ابتذالك بالمقال، فقال: يا أمير المؤمنين إني أراك تؤثر لبس الخشن وأكل الشعير فتنفس الصعداء ثم قال: ويحك يا عاصم، إن الله افترض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بالعوام لئلا يتبيع بالفقير فقره.

قال أبو بكر الأنباري: المعنى لئلا يزيد ويغلو، يقال: تبيع به الدم، إذا زاد وجاوز الحد.

تجريد اللباس

قال المصنف: فإن قال قائل تجويد اللباس هوى للنفس.

وقد أمرنا بمعاهدتها.

وتزين للخلق وقد أمرنا أن تكون أفعالنا لله لا للخلق.

فالجواب: أنه ليس كل ما تهواه النفس يذم ولا كل التزين للناس يكره.

وإنما ينهى عن ذلك إذا كان الشرع قد نهى عنه.

أو كان على وجه الرياء في باب الدين فإن الإنسان يجب أن يرى جميلا وذلك حظ النفس ولا يلام فيه ولهذا يسرح شعره، وينظر في المرآة، ويسوي عمامته، ويلبس بطانة الثوب الخشن إلى داخل وظهارته الحسنة إلى خارج.

وليس في شيء من هذا ما يكره ولا يذم.

أخبرنا المبارك بن علي الصيرفي نا علي بن محمد بن العلاف نا عبد الملك بن محمد بن بشران نا أحمد بن إبراهيم الكندي نا محمد بن جعفر الخرائطي ثنا بنان بن سليمان ثنا عبد الرحمن بن هانئ عن العلاء بن كثير عن مكحول عن عائشة قالت: «كان نفر من أصحاب رسول الله ينتظرونه على الباب فخرج يريدهم، وفي الدار ركوة فيها ماء، فجعل ينظر في الماء ويسوي شعره ولحيته، فقلت: يا رسول الله وأنت تفعل هذا! قال نعم.

إذا خرج الرجل إلى أخوانه فليهيئ من نفسه فإن الله جميل يحب الجمال».

<<  <   >  >>