وأما في حال العجز فغيرُ مقدورٍ ولا مأمورٍ، فلا تَتَوقفُ صحةُ العبادة عليه. وهذا كوجوب القيام والقراءة والركوع والسجود عند القدرة، وسقوط ذلك بالعجز. وقد قال صلى الله عليه وسلم:"لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار". ولو تَعَذَّرَ عليها الخمارُ صَلَّتْ بدونه، وَصَحَّتْ صلاتها ... ونظائره كثيرة، فيكون "الطهور مفتاح الصلاة" هو من هذا ...
وفي الحديث دليلٌ على اعتبار النِّيَّةِ في الطهارة بوجهٍ بديعٍ؛ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم جَعَل الطهور مفتاح الصلاة التي لا تُفْتتح ويُدْخَل فيها إلا بِهِ، وما كان مفتاحاً للشيء كان قد وُضِعَ لأجله وأُعِدَّ له. فَدَلَّ على أن كونه مفتاحاً للصلاة هو جهة كونه طهوراً، فإنه إنما شُرِعَ للصلاة، وجُعِلَ مفتاحاً لها، ومن المعلوم: أن ما شُرِع للشيء ووضع لأجله لابد أن يكون الآتي به قاصداً ما جُعِلَ مفتاحاً له ومُدْخِلاً إليه، هذا هو المعروف حِسَّاً، كما هو ثابت شرعاً. ومن المعلوم أن من سَقَطَ في ماء - وهو لا يريد التطهر - لم يأتْ بما هو مفتاح الصلاة، فلا تفتح له الصلاة، وصار هذا كمن حكى عن غيره أنه قال: لا إله إلا الله. وهو غير قاصد لقولها، فإنها لا تكون مفتاحاً للجنة منه، لأنه لم يقصدها... فهكذا هذا يجب أن لا يكونَ مُتَطَهِّرَاً، وهذا بحمد الله بَيِّنٌ.
فصل
الحكم الثاني: قوله: "وَتَحْرِيْمُهَا التَّكْبِيرُ".
وفي هذا من حصرِ التحريمِ في التَّكْبِير نظيرُ ما تَقَدَّمَ في حصرِ مفتاحِ الصلاة في الطهور من الوجهين. وهو دليل بَيِّنٌ أنه لا تحريم لها إلا