للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التكبير. وهذا قول الجمهور وعَامَّةِ أهل العلم قديماً وحديثاً. وقال أبو حنيفة: ينعقدُ بكلِّ لفظٍ يدلُّ على التعظيم، فاحتج الجمهور عليه بهذا الحديث.

ثم اختلفوا، فقال أحمد ومالك وأكثر السلف: يتعينُ لفظ "الله أكبر" وحدها، وقال الشافعي: يتعين أحد اللفظين: "الله أكبر" و"الله الأكبر" ...

والصحيح قول الأكثرين، وَأَنَّه يتعين "الله أكبر" لخمس حجج:

- إحداها: قوله: "تحريمها التكبير"، واللامُ هنا للعهد، فهي كاللامِ في قوله: "مفتاح الصلاة الطهور" ... وهكذا التكبير هنا: هو التكبير المعهود، الذي نقلته الأمة نقلاً ضرورياً خلفاً عن سلف عن نبيها صلى الله عليه وسلم، أنه كان يقوله في كل صلاة، لا يقولُ غيره ولا مرةً واحدةً ... وهذا حُجَّة على من جوز "الله الأكبر" و "الله الكبير"؛ فإنه وإن سُمِّيَ تكبيراً، لكنه ليس التكبير المعهود المراد بالحديث".

ثم ذَكَر بقية الحجج الخمس، ثم قال:

"وفي افتتاحِ الصلاةِ بهذا اللفظ، المقصود منه استحضار هذا المعنى وتصوره: سِرٌّ عظيمٌ يعرفُهُ أهل الحضور، الْمُصَلُّونَ بقلوبهم وأبدانهم؛ فإنَّ العَبْدَ إذا وَقَفَ بين يدي الله - عز وجل - وقد عَلِمَ أنه لا شيء أكبر منه، وَتَحَقَّقَ قلبه ذلك، وَأُشْرِبُهُ سِرُّه، استحيى من الله، وَمَنَعَهُ وقاره وكبرياؤه أن يشغلَ قَلْبَهُ بغيره. وما لم يستحضر هذا المعنى واقف بين يديه بجسمه، وقلبه يهيم في أودية الوَسَاوِسَ والخَطَرَاتِ، وبالله المستعان، فلو

<<  <  ج: ص:  >  >>