- والثاني: أن المبتدأَ مضافٌ إلى الصلاة، والإضافة تَعُمُّ، فكأنَّه قيل: جميعُ مفتاح الصلاة هو الطهور. وإذا كان الطهور هو جميع ما يُفْتَحُ به، لم يكن لها مفتاح غيره ....
وإذا عرف هذا، ثَبَتَ أن الصلاة لا يمكنُ الدخولُ فيها إلا بالطهور.
وهذا أدل على الاشتراط من قوله:"لا يقبلُ الله صلاة أحدكم إذا أَحْدَثَ حتى يتوضأ" من وجهين:
- أحدهما: أن نفي القبولِ قد يكونُ لفواتِ الشرط وعدمه، وقد يكونُ لمقارنة مُحَرَّمٍ يمنعُ من القبول: كالإباق، وتصديق العَرَّاف، وشربِ الخمر ... ونحوه.
- الثاني: أن عَدَمَ الافتتاح بالمفتاح يقتضي أنه لم يحصل له الدخول فيها، وأنه مصدود عنها ... وأما عدم القبول فمعناه: عدم الاعتداد بها، وأنه لم يرتبْ عليها أثرها المطلوب منها، بل هي مردودة عليه...
فإن قيل: فهل في هذا الحديث حجةٌ لمن قال: إن عادم الطَّهورين لا يُصَلِّي حتى يقدر على أحدهما؛ لأن صَلاتَهُ غيرُ مفتتحة بمفاتحها، فلا تقبلُ منه؟
قيل: قد اسْتَدَلَّ به من يرى ذلك، ولا حجةَ فيه.
ولابُدَّ من تمهيد قاعدة يتبين بها مقصود الحديث، وهي: أَنَّ مَا أَوْجَبَهُ الله - تعالى - ورسوله، أو جَعَلَهُ شرطاً للعبادة، أو رُكْنَاً فيها، أو وَقَفَ صِحَّتَهَا عليه: هو مُقَيَّدٌ بحال القدرة؛ لأنها الحالُ التي يُؤْمَرُ فيها به.