للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما أخذ أفضلهن استرجعها منه، لئلا يتميز بها عن غيره مع أن فيهم من هو أفضل منه " فأعتقها النبي - صلى الله عليه وسلم - وتزوجها " بدون مهر " وجعل صداقها عتقها " أي وجعل العتق صداقاً لها " فأصبح النبي عروساً " أي فأعرس عليها في الطريق، فلما كانت صبيحة ليلة العرس " قال: من كان عنده شيء " من الطعام " فليجىء به، وبسط نطعاً " أي بساطاً من الجلد يوضع عليه الطعام يشبه السفرة، يجوز فيه فتح النون وكسرها " قال: فحاسوا حيساً " أي فصنعوا من التمر والسمن والسويق طعاماً وضعوه على السفرة، وأكلوه " فكانت وليمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أي فكان الحيس هو طعام عرسه - صلى الله عليه وسلم -.

ويستفاد من الحديث: أولاً: استدل به بعض أهل العلم على أن الفخذ ليس بعورة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث الباب قد حسر عن فخذه يوم خيبر، ورآه أنس، ولو كان عورة لما فعل ذلك، وبهذا قال داود الظاهري وابن أبي ذؤيب وأحمد في رواية وابن حزم، واختلفت الرواية عن مالك، وذهب جمهور الفقهاء إلى أن الفخذ عورة، لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: " الفخذ عورة " قالوا: وما وقع لى - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر كان اضطراراً بسبب السرعة وشدة الزحام، ولم يكن مقصوداً بدليل ما جاء في رواية مسلم حيث قال: " فانحسر الإزار عن فخذه " أي أن الإِزار هو الذي انكشف بنفسه، ولم يكشفه - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: وهو اللائق بحاله صلوات الله وسلامه عليه. ثانياً: مشروعية الذكر والتكبير عند لقاء العدو، وإلقاء كلمات أو اقتباس آيات تنزل الرعب في قلب العدو، كما قال - صلى الله عليه وسلم - "الله أكبر، خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذَرين ". ثالثاً: استحباب ْعتق الرجل أمته، وتزوجه بها، وهو من الثلاثة الذين لهم أجران، وأن له أن يجعل عتقها صداقها، وبه قال قتادة وأحمد وابن المسيب، وقال الجمهور: ما جاء في الحديث خصوصية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس لغيره أن يفعله.

الحديث: أخرجه مسلم، وأبو داود والنسائي أيضاً. ومطابقته للترجمة

<<  <  ج: ص:  >  >>