للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْول (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) الآية.

ــ

الكذب، واتهمه بالخيانة ومخالفة أمر الله تعالى، لأنّ الله عز وجل قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في محكم كتابه (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) وذلك هو قولها " من حدثك أن محمداً كتم شيئاً مما أنزل عليه فقد كذب " أي فقد كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد الكذب حيث اتهمه بالكتمان الذي هو مخالفة لأمر الله تعالى له بالتبليغ، وحاشاه - صلى الله عليه وسلم - أن يكتم شيئاً بعد أن أمره الله تعالى بتبليغ جميع ما أنزل عليه.

فقه الحديث: دل فذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن من شهادة أن محمداً رسول - صلى الله عليه وسلم - الإيمان بأنه - صلى الله عليه وسلم - قد أدى الأمانة وبلّغ الرسالة، ولم يترك شيئاً من الوحي إلاّ بلغه لأمته امتثالاً لأمر ربه حيث أمره الله تعالى بذلك في قوله عز وجل (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) ثانياًً: أن من أشد الكذب على رسول الله وأعظم الافتراء عليه القول بأنه - صلى الله عليه وسلم - كتم شيئاً من الوحي، لأن من قال هذا فقد نسب النبي إلى مخالفة أمر الله بكتمان الوحي الذي أمر بتبليغه، وهذا طعن في عصمته ورسالته، ومن شروط الرسالة العصمة في التبليغ، ولعل عائشة رضي الله عنها علمت بوجود بعض الفرق التي تقول بذلك، فإن بعض غلاة الشيعة كانوا يتحدثون أن عند علي وآل بيته من الوحي ما خصهم به النبي - صلى الله عليه وسلم - دون الناس، وقد سئل علي رضي الله عنه - كما في الصحيحين: " هل خصكم الرسول بشيء فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلاّ فهما يعطيه الله رجلاً في القرآن، وما في هذه الصحيفة، قال السائل: قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر ". الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي. والمطابقة: في كونه - صلى الله عليه وسلم - ما دام قد أمر أن يبلغ ما أنزل إليه فإنه لا بد أن يبلغ كل شيء من الوحي، ومن ادّعى أنه كتم شيئاً

<<  <  ج: ص:  >  >>