أبا هريرة، وقال: إنه لم يحفظ الحديث بلفظه الصادر من النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قالت عائشة رضي الله عنها، ومنهم من قبل هذا الحديث على ظاهره وقال بوجود النحس في هذه الأمور الثلاثة، ومنهم ابن قتيبة، ومنهم من تأوله بأن المراد بالشؤم عدم ملاءمة الشيء وموافقته، أو سوء طبعه، فشؤم الدار ضيقها، لأنها إذا كانت ضيقة لا تلائم الإِنسان، ولا تريحه في حياته، وشؤم المرأة عدم الوفاق بينها وبين زوجها وعدم التفاهم، وتمردها عليه، وخروجها عن طاعته، وشؤم الفرس سوء طباعها (١).
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن لهذه الأشياء الثلاثة، المرأة، والدار، والفرس، أهمية عظمى، وأثر كبير في حياة الإِنسان، فإن كانت المرأة ملائمة لزوجها خلقياً، متفاهمة معه نفسياً، مخلصة له، مطيعة وفية، وكانت الدار صحية واسعة، مناسبة له ولأسرته، وكانت الفرس أو السيارة التي يركبها قوية مريحة، ارتاح الإِنسان في حياته، وشعر بالسعادة وأحس بالاطمئنان والاستقرار النفسي، أما إذا كانت الزوجة غير صالحة، أو الدار غير مناسبة، أو الفرسِ أو السيارة غير مريحة، فإن الإِنسان يشعر بالتعاسة والقلق، ويتعب جسمياً ونفسياً معاً، وهذا هو المقصود بالحديث، حيث إنه عبارة عن التعب النفسي الذي يعانيه الإنسان بسبب عدم ملاءمة هذه الأشياء وصلاحيتها (١). ثانياًً: أنه ينبغي للمرء إذا أراد أن يتزوج امرأة أو يسكن داراً أو يقتني فرساً، أو سيارة أن يتحرى كل التحري في اختيارها، وأن يتحقق من صلاحيتها وملاءمتها له، ليتمكن من الاستفادة من الاستمتاع بها، لا سيما المرأة الصالحة، فإن لها دوراً كبيراً في نجاح زوجها وصلاحه
(١) وقد جاء الحديث في أكثر الروايات وهي في الصحيحين " إن كان الشؤم في شيء، ففي المرأة، والدار والفرس " وهي تبين المراد من الحديث، وجاء في رواية لابن ماجه " لا شؤم، وقد يكون اليمن في ثلاثة: في المرأة، والفرس، والدار " وهذا نفي للشؤم. والإسلام جاء ينفي الشؤم، ولم يثبته كما تقدم قبل قليل في الأحاديث الصحيحة. (ع).