يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باستِرْجاعِهِ حينَ أناخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِأ يَدَهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى الإِفْكَ عَبْدُ اللهِ بْن أُبَيِّ بْنُ سَلُولٍ، فقدِمْنَا المَدِينَةَ فاشْتَكَيْتُ بها شَهْراً والنَّاسُ يفيضُونَ مِنْ قَوْلِ أصْحَابِ الإِفْكِ، وَيَرِيبُنِي في وَجَعِي أَنِّي لا أرَى مِنَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اللُّطْفَ الذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أمرَضُ، إِنَّمَا يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ
ــ
يعرفني قبل الحجاب"، أي فلما نظر إليَّ عرف أني عائشة، لأنه كان يعرفني قبل الحجاب، " فاستيقظت باسترجاعه " أي فاستيقظت من نومي على صوته وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، " حين أتاني في راحلته فوطأ يدها " أي داس على يدها ليقعدها " فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا معرسين في نحر الظهيرة " أي بعد ما نزلوا وقت الظهيرة ليستريحوا " فهلك من هلك " يعني فتورط من تورط في هذه القضية، وخاض في هذه التهمة الباطلة من حديث الإِفك. " وكان الذي تولى الإِفك عبد الله ابن أُبي بن سلول " أي وكان رأس هذه الجماعة الذي تبنى هذه التهمة الكاذبة على عائشة ودعمها وروج لها، وأشاعها هو عبد الله بن أُبي رئيس المنافقين، أما بقية أهل الإِفك فهم كما أفاده النسفي: يزيد بن رفاعة وحسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش ومن ساعدوهم " فقدمنا المدينة فاشتكيت بها شهراً "، أي مرضت شهراً " والناس يفيضون في قول أصحاب الإِفك " أي يتحدثون في هذه الإِشاعة الكاذبة قالت: " ويرييني في وجعي أني لا أرى من النبي - صلى الله عليه وسلم - اللطف الذي كنت أرى منه حين أمرض " أي ومما بعث في نفسي الريبة والشك والإحساس الداخلي بأن هناك أمراً قد حدث، هو هذا التغير في معاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - لي حيث لم أعد أجد منه تلك المعاملة