مِنَ البيتِ فَصَلَّى غَيرَ المَكْتُوبَةِ، فَدَعَا لأم سُلَيمْ وأهْلِ بَيْتهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْم: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّ لي خُوَيْصةً، قَالَ:" مَا هِيَ؟ " قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ فما تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلا دُنيا إِلَّا دَعَا لي بِهِ، قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: " اللهُمَّ ارْزُقْهُ مالاً، وَوَلَداً وَبَارِكْ لَهُ " فإِنِّي لَمِنْ أكْثَرِ الأنصَارِ مَالاً، وَحَدَّثَتْنِي ابْنتِي أمَيْنَةُ أنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِي مَقْدَمَ الحَجَّاجِ بِضْع وَعِشْرُونَ وَمِائَة.
ــ
فقالت يا رسول الله: لي إليك حاجة خاصة أسألك قضاءها، فسألها عن حاجتها، فقالت له:" خادمك أنس " تريد استعطافه عليه، ثم سألته أن يدعو له، فدعا له - صلى الله عليه وسلم - دعاء يجمع بين خير الدنيا والآخرة فقال:" اللهم ارزق مالاً وولداً، وبارك له " وفي رواية ابن سعد: " اللهم أكثر ماله وولده، وأطل عمره واغفر ذنبه "" قال: فإني لمن أكثر الأنصار مالاً وحدثتني ابنتي أمينة أنه دفن لصلبي مقدم الحجاج " أي عند قدوم الحجاج إلى البصرة، وذلك سنة خمس وسبعين " بضع وعشرون ومائة " هؤلاء الذين ماتوا من أولاده، وأما الذين بقوا ففي رواية اسحق بن أبي طلحة عن أنس " أن ولدي وولد ولدي ليتعادون على نحو المائة " ولهذا قال رضي الله عنه: " فدعا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثلاث دعوات، قد رأيت منها اثنتين، وأنا أرجو الثالثة في الآخرة "(١) أخرجه مسلم، ولم يبين الثالثة وهي المغفرة كما تقدم لنا في حديث ابن سعد.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على أنّ الصائم المتطوع إذا حلّ ضيفاً على أحد، فقدم له طعام له أن يفطر، وله أن يستمر بالصوم، وإنما يندب ويستحب له أن يصلي ويدعو لهم، فإن أفطر فعليه القضاء كما قال مالك