للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ربما أخطأ. وفي إحدى الروايتين عن ابن معين أنه قال: أبو قتادة الحراني ثقة. ذكرها عنه ابن حجر والذهبي. وقول من قال: لعله كبر فاختلط. تخمين وظن، لا يثبت به اختلاطه، ومعلوم أن المقرر في الأصول وعلوم الحديث: أن الصحيح أن التعديل يُقْبَلُ مُجُمَلاً، والتجريح لا يُقْبَلُ إلا مفصَّلاً، مع أن رواية سعيد بن أبي عروبة عن أنس ليس في أحد من رواتها كلام.

ومما يؤيد ذلك: موافقة الحافظ النقادة الذهبي للحاكم على تصحيح متابعة حماد، مع أن حديث أنس الصحيح المذكور معتضد بمرسل الحسن، ولا سيِّما على قول من يقول إن مراسيله صحاح إذا روتها عنه الثقات؛ كابن المديني وغيره، كما قدمناه، ويؤيد ذلك: أن مشهور مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد الاحتجاج بالمرسل، كما قدمناه مرارًا، ويؤيده أيضًا: الأحاديث المتعددة التي ذكرنا، وإن كانت ضعافًا لأنها تقوي غيرها، ولا سيما حديث ابن عباس فإنا قد ذكرنا سنده وبيَّنا أنه لا يقل عن درجة الاحتجاج.

وقال الشوكاني في "نيل الأوطار": ولا يخفى أن هذه الطرق يقوِّي بعضها بعضًا، فتصلح للاحتجاج.

ومما يؤيد الحديث المذكور: أن أكثر أهل العلم على العمل به كما قدمنا عن أبي عيسى الترمذي أنه قال في حديث الزاد والراحلة: والعمل عليه عند أهل العلم" (١).

ومن المستقر عند علماء الحديث: أن التصحيحَ والتضعيف من الأمور الاجتهادية، ولا يلزم الأخذ بحكم فريق من العلماء دون آخر لأجل أنهم متقدّمون أو متأخّرون! بل لأجل الدليل وحجة الاجتهاد.

قال الإمام الشنقيطي: " .... والحاصل أن لزوم الكفارة في نذر المعصية جاءت فيه أحاديث متعددة لا يخلو شيء منها من كلام، وقد يقوِّي بعضها بعضًا.


(١) انظر "أضواء البيان" (٤/ ٣١٧).

<<  <   >  >>