وقد قال صلّى الله عليه وسلم: ألا أدلّكم على شيء يحبّه الله ورسوله، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: التغابن للضعيف.
قال شاعر:
ممّن يغرّ على الثّناء فيمدح
وقال البحتري:
وإذا خادعته عن ماله ... عرف المسلك فيه فانخدع
وله:
وقد يتغابى المرء في عظم ماله ... ومن تحت برديه المغيرة أو عمرو «١»
وله:
إذا معشر صانوا السماح تعسّفت ... به همّة مجنونة في ابتذاله
وتخطّى أبو تمّام ذلك حتى استقبح قوله، فقال:
ما زال يهذي بالمكارم والعلى ... حتى ظننّا أنه محموم
والهذيان والحمى مستقبح ذكرهما في المدح، قال المنذر الغساني يوصي ابنه: آمرك بالذل في نفسك والإنخداع في مالك.
[من عيبه إفراطه في الجود]
فتى كملت أخلاقه غير أنّه ... جواد فلا يبقي من المال باقيا
وقال كشاجم:
ما فيهم عيب سوى الإ ... فراط في الجود فقط
وقال أبو هفان:
عيب بني مخلد سماحتهم ... وأنّهم يتلفون ما ملكوا
وقيل للحسن بن سهل، وقد كثر عطاؤه على اختلال حاله: ليس في السرف خير، فقال: ليس في الخير سرف.
وقال المأمون لمحمد بن عباد: إنك متلاف، فقال: منع الجود سوء الظن بالمعبود.
وفي الزهد أخبار من ذلك.
الساتر عطيّته
روي أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ملك أربعة دراهم، فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية، فنزل فيه قوله تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً
«٢» الآية.