وَرُوِيَ أَيْضًا مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - خِلَافُ ذَلِكَ إلَّا رِوَايَةً عَنْ عَلِيٍّ: لَيْسَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ نَفْيٌ - وَإِنَّمَا قَالَ فِي الْبِكْرَيْنِ يَزْنِيَانِ: حَسْبُهُمَا مِنْ الْفِتْنَةِ أَنْ يُنْفَيَا.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ زَنَى جُلِدَ وَأُرْسِلَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَيْسَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ " مَنْ زَنَى جُلِدَ وَأُرْسِلَ " دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُوجِبُ النَّفْيَ عِنْدَهُ، بَلْ قَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ " وَأُرْسِلَ " يُرِيدُ بِهِ أَنْ يُرْسَلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُ عَلِيٍّ " حَسْبُهُمَا مِنْ الْفِتْنَةِ أَنْ يُنْفَيَا " يَخْرُجُ عَلَى إيجَابِ النَّفْيِ، وَأَنَّ ذَلِكَ حَسْبُهُمَا مِنْ الْبَلَاءِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {الم - أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: ١ - ٢] إلَى قَوْله تَعَالَى {وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: ٣] وَالرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تُنْفَى إذَا زَنَتْ لَا تَصِحُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ.
وَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا أَنْ يَجْعَلُوا الْأَرْبَعِينَ الَّتِي زَادَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي حَدِّ الْخَمْرِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْزِيرِ حَدًّا وَاجِبًا مُفْتَرَضًا، وَهُوَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَجْلِدُ مَرَّةً أَرْبَعِينَ، وَمَرَّةً سِتِّينَ، وَمَرَّةً ثَمَانِينَ.
وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ بَعْدَهُ، وَعَلِيٌّ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ثُمَّ يَأْتُونَ إلَى حَدٍّ افْتَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَيَجْعَلُونَهُ تَعْزِيرًا، كُلُّ ذَلِكَ جُرْأَةٌ عَلَى الدَّعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ، وَادَّعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا» وَلَمْ يَقُلْ " فَلْيَنْفِهَا " دَلِيلًا عَلَى نَسْخِ التَّغْرِيبِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا مِنْ الْبَاطِلِ الْمَحْضِ، لِأَنَّ هَذَا خَبَرٌ مُجْمَلٌ أَحَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute